صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ علم عاش في صفاقس ثم ودع: مصطفى كانون

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

هذا العلم ظهر في النصف الثاني من القرن العشرين بشوارع صفاقس..هذا العلم ظهر وهو مصاب بتخلف ذهني..

عرفت صفاقس عبر التاريخ كثيرا من المتخلفين ذهنيا، وكان الناس يتبركون بهم، ويرون فيهم كرامات، ويعتقدون فيهم الولاية والصلاح، ولذلك كان البعض من هؤلاء المتخلفين ذهنيا يبنون عليهم مسجدا فوقه قبة…ويصبح مزارا…

رفض الزواج

فهذا ـ كـ مثال ـ سيدي عبد الله محمد المسدي، ولد في عائلة ميسورة، لكنه أعرض عنها وصار لا يلبس غير قميص وجبة وقلنسوة، ويمشي في الشوارع بلا نعل، لا يتكلم إلا كلاما قليلا …

عرض عليه أهله الزواج فأبى، فعقدوا له، وزوّجوه، وبيّتوا معه زوجته فلم يلتفت إليها..فرجعت إلى أهلها، وكان النساء يحصون عليه كرامات من إشاراته، فلما توفي بنوا له روضة قرب سيدي الوحيشي …
وفي نهج المنجي سليم جامع جمعة يحمل اسمه، وهذا سيدي عمر كمون…أصيب بتخلف ذهني، لكن الناس أحصوا عليه كرامات، وبنوا على قبره مسجدا…

أسماء متعددة

لكن في القرن العشرين تكاثر المتخلفون ذهنيا في شوارع صفاقس، ومنهم (محمد بلغيث، وبوشلاكة، والصادق الغرياني، وبرك الله ومصطفى كمون..وغيرهم)…وكان الناس يتحدثون عن كراماتهم، ولكن لما توفوا لم يبنوا عليهم مساجد…

جمعية لرعاية المتخلفين ذهنيا

في السبعينات من القرن العشرين، تأسّست في العاصمة جمعية لرعاية المتخلفين ذهنيا، فأسّس المربي المرحوم رشيد المنيف في صفاقس فرعا لجمعية رعاية المتخلفين ذهنيا، وبالجمعية تأسست مدارس تستقبل المتخلفين ذهنيا، وترعاهم، وتصونهم من الشوارع، فتعلمهم القراءة والكتابة وتدرّبهم على بعض الصناعات بها يعتمدون على أنفسهم في تحقيق بعض المكاسب…

النسوة يتبركن به

هذا العلم مصطفى كانون، أعتقد أنه آخر المتخلفين ذهنيا الذين كانوا يجوبون الشوارع، وهو قد يلبس عمامة وقد لا يلبس غير الشاشية…يمشي وهو يضحك..
يدخل بعض المنازل في المدينة دون استئذان، النسوة لأنهن يتبركن به يُحسّن استقباله، في عيد الأضحى يدخل بعض أبراج العائلات ويساعد العائلة في ذبح الكبش وهو يضحك،

ودع الدنيا

هذا العلم مصطفى كانون، كان يسكن مع عائلته في طريق الأفران..وكان يروح ويغدو مشيا على قدميه وهو يقرأ ويغني ويضحك ولا يؤذي أحدا…
هذا العلم لما توفي ودع الدنيا الفانية إلى الدار الباقية، وبقي أهالي صفاقس يذكرونه بخير ويترحمون عليه، فبماذا يذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما…وأنا أحب أن أفهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى