محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ جمعية التهذيب بصفاقس…وعلي السلامي

كتب: محمد الحبيب السلامي
لما انتشرت الجالية الفرنسية بصفاقس في عهد الحماية…كوّنوا جمعيات ثقافية، منها جمعيات مسرحية والجمعيات المسرحية تطلب مسرحا…وما طلبته تدخلت بلدية صفاقس بقيادة الفرنسيين فبنت في صفاقس سنة 1903، أول مسرح جميلا في شكله مجهزا بما يطلبه الممثل، وبما يريح المتفرجًين…
بعث جمعية التهذيب
تحرّك المثقفون في صفاقس وبعثوا سنة 1912(جمعية التهذيب)، وكوّنوا فرقة من الممثلين، وألفوا واقتبسوا وترجموا نصوصا مسرحية قدموها على خشبة هذا المسرح، منها (المروءة والوفاء ـ المظلوم ـ صلاح الدين الأيوبي ـ ناكر الجميل ـ وفاء العرب ـ الشعب والقيصر، وغيرها)…
وكان السياسيون يغتنمون فرصة الراحة بين الفصول فيأخذون الكلمة، وينشرون بين المتفرجين الروح الوطنية، ولذلك كانت السلطة الفرنسية تنتقد الجمعية وتهدد بإيقاف نشاطها، وما فكرت فيه نفذته في فترة…
أول شعبة دستورية
وكان السياسيون يعتمدون هذه الجمعية ليجمعوا تحت غطائها التبرعات لتنفيذ برامج اجتماعية، ولذلك نرى أن قادة من الحزب الحر الدستوري التونسي بقيادة الشيخ الثعالبي تولوا رئاسة هذه الجمعية وهم: علي القرقوري وعبد الله السيالة وصالح السيالة، ولما تأسّست في صفاقس سنة 1922، أول شعبة دستورية كانوا من قادتها…
دكت القنابل المسرح
لما نصبت الحرب العالمية خيامها واتخذت من صفاقس مسرحا لمعاركها سقطت قنابلها على مسرح صفاقس في يوم من بداية الأربعين فدكته، ولم تترك منه غير ركامه، وصوراً تذكر بجماله وتاريخه وتبعث في النفوس الأسى والحسرة…
تهدم مبنى المسرح مظلوما، وبقيت جمعية التهذيب المسرحي، وبقي الممثلون ومنهم: (المختار الحشيشة والصحفي محمد شبشوب وبلحسن المراكشي وغيرهم)….
وتولى رئاسة الجمعية، المربي المعلم علي بن الإمام الشيخ محمد السلامي إمام الجامع الكبير والمدرس، وحتى تبقى الحياة المسرحية متواصلة بعد الحرب العالمية الثانية اتخذت جمعية التهذيب قاعة الأفراح بصفاقس مسرحا، وقدمت مسرحيات متعددة وجدت الإقبال عليها…وكان علي السلامي رجلا جميلا، أنيقا صاحب مجالس..
خلاف عاصف
ولما اختلف الزعيم الهادي شاكر مع المربي الإعلامي محمد الشرفي ورفاقه سنة 1948، وقرر الهادي شاكر طرد الشرفي ورفاقه من الحزب رغم تدخل الزعيم صالح بن يوسف ومطالبته بالوحدة وطي صفحة الخلاف…
وكان علي السلامي من أنصار محمد الشرفي ومؤيديه، طلب الهادي شاكر من علي السلامي بواسطة وسطاء التخلي عن تأييد الشرفي فرفض، ويظهر أن الزعيم الهادي شاكر تدخل في جمعية التهذيب، وانتخب لها هيئة جديدة…
ودع الدنيا
ولذلك خرج علي السلامي من الجمعية، ومن الحياة السياسية وقضى بقية حياته صديق المثقفين والقضاة في مجالسهم، ولما جاء أجله فاضت روحه وهو في سوق السمك يشتري لعائلته سمكا، فودعته أسرته: زوجته، وأولاده (رضا ـ فوزية ـ محمد عزيز ـ نجيب ـ محمد رياض ـ نبيل ـ علي ـ فودعه أهله وأحبابه وصفاقس بالرحمة وحسن الذكر…
فبماذا يضيف ويفيد ويعلق الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما، وأنا أحب أن أفهم؟