صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ أعلام عاشوا في صفاقس ثم ودعوا: البشير الزريبي

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

صاحبنا وصاحب هذا الاسم البشير الزريبي كان رجلا في سوق الربع بصفاقس معروفا ومشهورا…سوق الربع تأسس في عهد الدولة الأغلبية…وكان يسمى (سوق الرهادرة) وهي كلمة فارسية تعني بائع القماش…

سوق الرُبع

سوق الرُبع سمي بهذا الاسم لأن دكاكين السوق عالية، والتاجر في دكانه يجلس متربعا، فسُمي السوق سوق الربع، كما في الصورة المنشورةً، وقد دخلت عليه، تحسينات…

هذا السوق يقع وسط مدينة صفاقس، ويتكون من ثلاثة أسواق…سوق الربع الواسع الذي يبدأ جنوبا من الباب المطل على سوق الصباغين إلى الباب الجنوبي المطل على سوق الكامور والجامع الكبير…ومن الغرب نجد سوق الربع الضيق…ومن الشرق نجد سوقا يسمى سوق العطارين الذي يبدأ من وسط السوق ويمتد إلى نهج المنجي سليم…

إلا العائلات النبيلة

سوق الربع الواسع، جرت العادة منذ قرون ألا ينتصب في دكان من دكاكينه إلا من كان من العائلات النبيلة…ولذلك قد تجد فيه عددا من التجار من عائلة واحدة، مثل عائلة الزريبي ففي السوق كان البشير، واحميد، والطيب، والطاهر، وكلهم من عائلة الزريبي…
في النصف الشمالي من سوق الربع الواسع تُباع البطانية، وتباع الزربية، وتُباع الشاشية والشاشية مستوردة من تونس العاصمةً، وفيها ما هو مشهور بجودته واسم صانعه مثل (شاشية درغوث)…
الشاشية لها في تونس تاريخ، ويقع الإقبال عليها في النصف الثاني من رمضان لتكون من لباس العيد…وكانت تتدلى من خلفها ذؤابة سوداء…ويروى أن هذه الذؤابة (الكبيطة) كانت تستورد من بلد أوروبي، فقرر الحزب الدستوري للشيخ الثعالبي مقاطعتها، صارت الشاشية تباع وتلبس بغير ذؤابة ويقال لها (شاشية تستوري)

ثقة وخبرة

صاحبنا البشير الزريبي رجل تاجر عُرف بثقته وخبرته لذلك كان أهله وأحباؤه يقصدونه ليشتروا من دكانه ما يريدون…فإذا طلب الحريف سلعة ليست موجودة في دكان صاحبنا البشير، ينزل البشير من دكانه ويبحث عنها في سوق الربع ،فيأتي بها للحريف، فإذا أعجبته يشتريها وهو مطمئن لأن البشير الزريبي كان بخبرته واسطة فيها دون مقابل…

يقصده الناس

صاحبنا اشتهر بين الناس في صفاقس واشتهر في كل إدارات صفاقس لذلك كان أهله وأحبابه يقصدونه ليساعدهم في قضاء حاجة من إدارة، والبشير يقضي ويُبشر قاصده بقضاء الحاجة ولا يتقاضى عن الدور الذي يقوم به غير دعوة بالرحمة على والديه…وأنا أترحم عليه فقد قصدته مرتين وقضى حاجتي…
في عهد الحماية صاحبنا البشير الزريبي بقي في دكانه وتخلى عن التجارة في السنوات الأخيرة من عمره فتحول ‘البنك’ الذي يجلس فيه الحرفاء أمام دكانه إلى مكان لقاء وحوار اجتماعي وفلاحي، فالبشير اهتم بالفلاحة وخاصة الزيتون…

أبناء البشير الزريبي

صاحبنا البشير الزريبي تزوج السيدة فاطمة بنت محمود السلامي، فأنجبا ابنين، هما أحمد الطبيب الأستاذ الذي كان أول من درس في كلية الطب بتونس والثاني محمد الذي ندعو له بالشفاء، تخصص في الصيدلة وكان أستاذا في كلية الصيدلة بالمنستير، وتولى إدارة الإدارة الجهوية للصحة بصفاقس، وكان الابنان تشربا بأخلاق أبيهما ولذلك كانا لا يردان قاصدا يطلب مساعدة في اختصاصهما….
كما أنجب البشير وزوجته أربع بنات، وهن منجية وراضيةً، أستاذة متقاعدةً والمرحومة زينب، والصيدلانية فاطمةً…

حان أجله

أذكر أنه لما مرض البشير الزريبي ولزم فراش مصحة أقبل عليه اهله وأحبابه وهم يدعون له بالشفاء..ولما حان أجله وودع دنياه ولحق بزوجته التي سبقته ودعه أولاده وأحبابه وصفاقس بالرحمة وحسن الذكر، فيما سيذكره الأصدقاء لنزداد به معرفة وفهما…
وأنا أحب أن أفهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى