صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ أعلام كانوا في صفاقس ثم ودعوا: احميد بن عبد السلام التريكي

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

هذا العلم، اسمه أحمد بن عبد السلام التريكي، واشتهر باسم احميد كان علما عاملا مشهورا في صفاقس…ولد في صفاقس سنة 1882 وتعلم في صفاقس فجمع بين ثقافة عربية وفرنسية…

مع مشائخ صفاقس

وتوجه إلى مشائخ صفاقس يرتوي منهم ما يعمق عقيدته ويثري فقهه، وزاد واستزاد لما اختار أن يكون من تلاميذ العالم الفقيه المجتهد الشيخ محمد بن يوسف الشهير بالكافي، في دروس خاصة وكان معه من تلاميذ الشيخ (محمد بن الحاج محمد السلامي، وأحمد بن الحاج محمد السلامي، ومحمد بن سعيد كمون، ومحمود وعلي الشعبوني وعلي قدور، والأخوان على ومحمد السلامي)…

محل في نهج ابن خلدون

وقد خصص علمنا احميد التريكي محلا خاصا في نهج ابن خلدون ليكون مركز طلب العلم من الشيخ الكافي، وليبيت فيه ويرتاح الشيخ الكافي، وعرف هذا المحل باسم (غرفة التريكي) فقد بقي بعد رحيل الشيخ الكافي نحو الشام للقاء تلاميذ الشيخ ولقيلولة التريكي، ومبيته إن أراد وحده أو مع بعض أصدقائه والتريكي بنفسه يطبخ غذاءه وعشاءه، وقد سهرت مع جدي ليلة في هذه الغرفة وتناولت أول مرة مقرونة باللحم كانت لذيذة ومقبولة…

‘جنان’ التريكي

نترك هذه الغرفة وما فيها من تاريخ شريف وما فيها من كتب لنزور (جنان التريكي) الواسع الطويل العريض بطريق تنيور وورثه عن جده والبرج الذي يتوسطه…
هذا الجنان كانت أشجاره الكثيرة المتنوعة تطلب عمالا يقومون برعايته، وكان التريكي يستأجر لذلك العمال، ومنهم الأجير الأسمر (موسى الطرابلسي) فقد ولد في بلد إفريقي، وفي بداية شبابه تسلل ودخل طرابلس، وفي بداية الاحتلال الإيطالي تسلل ودخل تونس واستقر في صفاقس…
وفي صفاقس استأجره التريكي بعقد أجير طيلة عام يكون أجره فيه، بطانية وكدرونا وبعض فرنكات يقبضها الأجير في نهاية العام ثم يكون مخيّرا بين تجديد العقد أو الانسحاب….
واختار موسى الانسحاب…علم بخبره جدي محمد بن الحاج محمد السلامي فاستأجره، لعام، وفي نهاية العام ماطله جدي في أجره ليبقى وبقي موسي معنا أكثر من ستين سنة سوف أحدثكم عنه وعنها في موعد آخر…

داخل برج التريكي

ولكن أدخل معكم برج التريكي فنجد الاسطبل مجاورا للسقيفة فيه الدجاج والأرانب والغنم، كما نجد (بيت السهرة) فيها يستقبل ضيوفه ويقيم صلاة الجماعة بأهل البرج والجيران…
وفوق سطح البرج نصب ناعورة الرياح التي توفر الطاقة الكهربائية وتعطي الضوء وتساعد على الاستماع إلى الراديو يقدم أخبار يونس بحري عن أخبار الحرب العالمية الثانية من إذاعة باري ويشيد بانتصارات هتلر، ولكنه لم يخبر عن القنابل التي سقطت على بعض الأبراج في آخر ليلة هربت فيها جيوش الألمان من صفاقس…
وفي البرج نجد الرجل الأسمر (فرج) الذي له تاريخ والذي استأجره التريكي طباخا مدة ونجد المعينة السمراء (مسعودة) في خدمة زوجة التريكي وأولادها ثم لها مع موسى تاريخ…
اشتهر احميد التريكي بلطفه وصدقه مع أصدقائه وجيرانه، وميله لمداعبة الأطفال بنكته وهو أب لثلاث بنات هن (نفيسة، وزينب وأسماء) وهو أب لثلاثة أبناء وهم (عبد السلام، وأحمد الذي له تاريخ مع الشامية سنذكره ونذكرها، والابن الثالث الهادي)…

رحل عن الدنيا

عاش احميد التريكي في حدود ثلاث وسبعين سنة، يصدق في حقه قول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم (المسلم من سلم الناس من يده ولسانه)…ودع الدنيا الفانية إلى الدار الباقية سنة 1954 ويُقال: إنه ترك مصحفا كتبه بخط يده، وكتابا ألفه باللغة الفرنسية…
ودعه أهله وأحبابه وصفاقس بالرحمة وحسن الذكر، وهذا حفيده الأستاذ الجامعي يؤلف كتابا عنوانه (الذاكرة والمصير) يفرد لجده فيه صفحات تدل على تشرفه بتاريخ جده…
فماذا سيكتب الأصدقاء عن احميد التريكي لنزداد به معرفة وفهما وأنا أحب أن أفهم؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى