صالون الصريح

محمد الحبيب السلامي يحب أن يفهم/ أعلام من صفاقس (110): طبيب العيون عبد العزيز بوعتور 1941 ـ 1992

sallami
كتب: محمد الحبيب السلامي

قال شاعر النيل: ‘الأم مدرسةً’ ….وعبد العزيز بوعتور من هذه المدرسة، من أمّه (منّانة سلامي) تخّرج، كانت رحمها الله، اجتماعية، كانت تحب المجالس…وهي في مجالسها باسمةً ضاحكة…وعلى ذلك ربت ابنها فتربى…

على طريق العلم

وبهذه الصفات سار في طريق العلم، وقطع فيه مراحل فنجح…دخل زاوية الحاج خليفة الطياري القريبة من دكان والده المرحوم الشيخ محمد بوعتور، فحفظ القرآن وغذى لسانه باللغة العربية، ودخل مدرسة الهلال فخرج منها يحمل الشهادة الابتدائية في لسانه اللغة العربية واللغة الفرنسية.. بهما انطلق في المرحلة الثانية التي أنهاها بالفوز بشهادة الباكالوريا، وبها سار في طريق العلم والمعرفة…كما سار من سبقه من أبناء صفاقس…

طار إلى فرنسا

طار نحو فرنسا ليقطع المرحلة الثالثة…حط في كلية بمونبيلياي، واختار أن يتخصص في الطب فالمجتمع الصفاقسي في حاجة، إلى الطب والطبيب…وهو يرى بنظره وحسه الاجتماعي أن الأطباء الفرنسيين الذين كانوا يعمرون صفاقس في عهد الحمايةً طاروا في عهد الاستقلال…

في شارع الطب حدث فراغ اضطرت الحكومة التونسية ملأه بأطباء من الدول الاشتراكية الشيوعية…وقد عرفت واحدا منهم في جندوبة وواحدا في صفاقس فيها عُرف واشتهر اسمه (بتشيش)… لأن الاشتراكيين عُرفوا بالتواضع والرأسماليين بالكبرياء، فقد اغتنم عبد العزيز وهو في مرحلةً التعلم وجوده لذلك اتخذ منه صديقا، منه يتعلم ويتدرب ويزداد معرفة في الطب…
كان في أيام العطل يبادله الزيارات الاجتماعية، ويرافقه في الزيارات الطبية…كما كان يقضي أوقاته في مستشفى صفاقس متطوعا ومتعلما….

مرحلة التخصص

نجح في الطب العام وقد عرف فيه الإنسان وعرف داءه ودواءه…فانتقل إلى مرحلة التخصص، ففيم يتخصص؟
صفاقس سكنتها أمراض العينين وهي في حاجة إلى من يداويها ويصون نعمة البصر في عيون سكانها وأهاليها…فيها طبيب واحد لا يكفيها، لذلك قرر الاختصاص في طب العيون يداويها ويحميها…تزوج سامية عمار الشابة التي التقى بها وأحبها وأحبته وهي تدرس اللغة والثقافة الانجليزية التي فرضت نفسها سياسيا وتقدما علميا على العالم، سافر معها إلى ليون بفرنسا، وفيها أكملت دراستها وفيها تحصل على شهادة التخصص في الطب…

مدرسة في البيت

عادا إلى صفاقس، أقنع زوجته بالبقاء في البيت لتكون مدرسة لأولادهما في البيت كما كانت أمه…وانطلق عبد العزيز يؤدي رسالته الصحية بروح إنسانية اجتماعية، فهو في المستشفى، وهو في قسم الرمد، وهو يفتح عيادة خاصة يستقبل فيها المريض الغني والفقير…وكم من فقير وجهته له لما زارني في برنامج ‘دبّر علي’ بإذاعة صفاقس فوجد منه حسن القبول والرعاية…

ودّع دنياه

وكم من ساعات قضاها في إذاعة صفاقس نشر فيها ثقافة حفظ نعمة البصر… بينما هو في عز وقوة عطائه غدر به الطريق فسقط في الطريق مودعا دنياه متوجها نحو مولاه، وقد ترك زوجة تذكره بقلبها ولسانها وقلمها العربي الذي شجعها زوجها على الكتابة بحروفه والحرث بسطوره لما عادا من الحج وهما يحملان طيب الذكريات فكتبت أول كتاب (مذكرات حاجّة) فاقتبله عبد العزيز بالترحيب…وبعده سبحت في بحور الشعر تطرز وتنشر في عالم العرب والغرب…ومع زوجته ترك ذرية يفتخرون بسيرته، كما تفتخر به صفاقس وتترحم عليه..
فبماذا يذكره الأصدقاء وماذا يذكرون عنه ويضيفون؟

لذلك أسأل وأحب أن أفهم…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى