محاضرة في بنزرت: عندما يفشل الوكيل الإسرائيلي ويأتي لمعاضدته الأمريكي، فقد فشل كلاهما…

مواكبة: الأمين الشابي
“عندما يفشل الوكيل الصهيوني ويأتي لمعاضدته الأصيل الأمريكي، فقد فشل كلاهما” هذا تقريبا خلاصة المحاضرتين اللتين نظمتهما الرابطة التونسية للتسامح – فرع بنزرت – في إطار إحياء يوم القدس العالمي، وذلك في سهرة يوم الجمعة 21 مارس 2025.
المحاضرة الأولى كانت بعنوان ” الواقع العربي الراهن، التحديات والمهام المطروحة” قدّمها الدكتور عايد الزريعي، من فلسطين. والمحاضرة الثانية قدمها الأستاذ صلاح المصري تحت عنوان ” جبهات الإسناد، اليمن نموذجا” وذلك بالمركب الثقافي الشيخ ادريس ببنزرت. وقد واكبها عدد هام من الحضور بمختلف شرائحهم، فضلا عن وسائل الإعلام.
المداخلة الأولى: الواقع العربي الراهن، التحديات
*الواقع العربي الراهن:
في إطار هذه المداخلة طرح المحاضر ما يتميز به الواقع العربي الراهن من تحديات لعلّ أهمها يتمثل في انتقال مركز القرار العربي إلى الخليج، وبالتالي هو استفراد بترتيبات إقليمية. المشكلة يتمثل في فهمنا للحظة السياسية ومكونات هذه المنطقة.
مبينا في هذه الصدد وأن هذا الإطار الجغرافي لهذه المنطقة، هو اطار، مطبع مع الصهيونية وتابع للنفوذ الأمريكي ومعاديا لأي مقاومة لهذه المخططات الصهيونية. وأن هذه المنطقة، التي أصبحت تتحكم في القرار العربي تعيش تناقضات بينية كالعشائرية وأيضا هذه التناقضات البينية قابلة للتسابق لدفعها لتنفيذ المشروع الأمريكي الاسرائيلي..
ولكن أيضا وفي هذا الاطار الجغرافي توجد قوى مقاومة و هي معرضة للتصفية. وأصبح بالتالي عالمنا العربي يعيش “سايس بيكو ” جديد يهدف بالأساس إلى تقوية الدولة اليهودية بالاعتماد على استراتيجية من أهم خصائصها تتمثل في تفتيت الأمّة العربية بكامل دولها وذلك عبر سياسة العزل لكل دولة وبالتالي ابعادها عن كلّ نفس لاتحادها مع بقية الدول العربية وتشجيع الدولة القطرية ليسهل لاحقا الإيقاع بها وهي منفردة.
وأنّ سكين العدو قد خرج من غمده، سواء قد قامت المقاومة بالمعركة (معركة طوفان الأقصى) أو لم تقم. عبقرية المقاومة الاستخبارية أنها عرفت واستبقت وهنا جوهر الموضوع. النقطة الثانية، هل المقاومة أخطأت من حيث هذا الحجم من الخسائر البشرية، فهل هو ذنب المقاومة أن تختار عدوها؟ وما تتعرض له المقاومة الآن هو عبارة عن دقّ ناقوس الخطر في بيت كل أسرة عربية.
*المهــــــــــــــام:
هناك ثلاث مهام، المهمة الأولى المطروحة أمام كل قوة وحركة تحرر في كل بلد. هو حماية وتعزيز قدرات الدولة الوطنية، لأنّ عنقها تحت السكين، فهي معرضة للتفتيت، تفتيت عرقي، تفتيت جهوي. والنقطة الثالثة، هي عملية التفتيت التي تسبقها خطوة أولى وهي عملية العزل، لذلك إذا لم ينتبه عالمنا العربي إلى مد يد الشراكة مع بقية الأمّة العربية.
الإفراط في تعزيز الدولة الوطنية لا يكفي لوحده فذلك قد سيساهم في عملية التفتيت هذه. وتمثّل القضية الفلسطينية حبل النجاة والالتفاف حولها هو حبل خلاص، لأن القضية الفلسطينية تشكل الرابط المشترك بين كل هذه الدول العربية. ومن هنا نربط العلاقة الجدلية ما بين العامل الوطني والعامل الخارجي. النقطة الثالثة، ترسيم مركز القرار بالخليج، فهناك وطنية وهناك قوى أخرى.
هذه القوى معرضة للانقضاض عليها والسيطرة عليها وتصفيتها. وبالتالي علينا نمدّ يد العلاقة لهذه القوى الوطنية في تلك المواقع لأنها هي أصبحت في قلب المعركة.
فاليمن مثلا لا يقصف من أجل مساندته لفلسطين فحسب – جانب أساسي في المسألة – بل يقصف حتى لا يكون من ضمن تلك الجغرافيا أي موقع للمقاومة. النقطة الرابعة، مسألة القوة الوطنية السورية، بعد أن سقط النظام.
ما هو واجبنا تجاه هذه القوى الوطنية السورية، القوى الوطنية بالتالي لابدّ من إيجاد آليات للتواصل مع هذه القوى لأنّها مقدمة بالضرورة على معركة تحرر باعتبار وجود قوة محتلة على أراضيها. حتى نقوم بهذه المهام، على المستوى الوطني والعربي وفلسطين والخليج، نحتاج إلى بنى تنظيمية قادرة لإدارة هذه العملية، يعني بناء الجبهات الوطنية ما بين القوى السياسية على المستوى الجغرافيا العربية. وآن الأوان أن يكون واحد في كل دولة عربية شخص موكول له مسك قضية الصراع العربي الصهيوني.
المداخلة الثانية : جبهات الإسناد، اليمن نموذجا
*مميزات طوفان الأقصى
تونس بصفتها دولة عربية ومسلمة هي معنية أيضا بدور جبهات الإسناد لما يحدث بفلسطين وتحديدا بمعركة طوفان الأقصى. هذه المعركة التي تميّزت باستشهاد الآلاف من الرجال والشيوخ والأطفال والنساء. تميزت أيضا برحيل عدد هام من القادة العظام ومن بينهم الشهيد بدر الدين الحوثي الذي استشهد منذ سنة 2004 الذي يعتبر من أكبر الشهداء الذي ساهموا في إحداث جبهات الإسناد باليمن.
وطوفان الأقصى شهدت ولادة أمّة المقاومة وولادة جبهات الإسناد في علاقة بالمقاومة في فلسطين. ومعركة طوفان الأقصى أصبحت معركة ذات بعد عالمي في مجابهة حلف الغطرسة الصهيونية.
ونحن بالتالي أمام مشهد استثنائي لنشر الوعي في هذا الاتجاه المقاومي. والوعي هو الذي يعطي للمعاناة قيمتها. وبالتالي علينا مسؤولية، أقله الشعور بالمسؤولية. دراسة التحدي اليمني في مجال الاسناد كيف تحولت إلى معركة تواجه عدوانا ثلاثيا جديا بين اليمن من جهة، وبين بريطانيا وأمريكا وإسرائيل من جهة أخرى.
وفي اليمن حسين بدر الدين الحوثي، هو مؤسس فكرة إمكانية إنجاز المستحيل، فقط لأنّنا بشر، مهما كان الإنسان ضعيفا ومحاصرا ومهما كان حجم العدو.
الصرخة و أبعادها
حيث أعلن سنة 2002 صرخته ” ان لم نستطع شيئا لم نخسر شيئا أننا لن نخسر أن نقول كلمة ولا يجوز أن نسكت ويجب على الجميع أن يصرخوا في كل اجتماع ” الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لليهود ” ولم يمض سنتين عن هذه الصرخة حتى استشهد سنة 2004.
وبين انطلاق هذه الصرخة سنتين، حيث لم يتحملها العدو. وما يقع الآن في اليمن هو نتيجة هذه الصرخة. فمنطلقها القرآن الكريم ” إنّ إبراهيم كان أمّة…. ” وهي تعبير عن السيادة والاستقلال، وأيضا معرفة عدو الأمّة تعني الشجاعة والمبادرة واعلان العداوة له.
وصرخته هذه كذّبت تلك المقولة التي مفادها ” نحن لا نعلن حربنا على العدو ما دمنا ضعفاء ” والحقيقة تعلن الصرخة في لحظة الضعف، كما في لحظة القوة. فإعلان الموقف من العدو هو فوق الزمان والمكان. وبالتالي الموت لإسرائيل ولأمريكا باعتبار بالترابط بينهما.
والانتصار في المعركة الكبرى هو غلق الأبواب في وجه عدونا. لأن العدو يستغل كل منفذ لبث سمومه. لإن العداء للكيان الصهيوني كلّ لا يتجزأ من العقيدة اليمنية الثورية والإسلامية. وأبعاد هذه الصرخة، أن قلصت الزمن حيث كنا في اليمن ننتظر لعقود حتى نجابه العدو ولكن بفضل هذا الوعي بهذه الصخرة تمّ تقليص العامل الزمني إلى سنة فقط وحقق المعجزات على مقارعة العدو.
أمريكا والصهيونية تريد تسليط أقصى العقوبات على كل الجهات التي ساندت معركة طوفان الأقصى عبر تحييد كل جبهات المقاومة. وتم ابعاد جبهة لبنان وكذلك جبهة سوريا وتعمل الآن جاهدة لتحييد جبهة اليمن، وبالتالي لتنفرد بجبهة غزة بفلسطين. ولكن تجربة اليمن تضعنا أمام سؤال هام مفاده كيف يمكننا بناء جبهة إسناد وتحويلها إلى جبهة حرب جديدة مستقلة بحالها.
خلاصة الكلام
ما يمكن استخلاصه من كلّ المعلومات المقدمة في إطار هذين المحاضرتين هو أنّ وجود ساحات اسناد للجبهة الفلسطينية نتيجتها فشل الأعداء وفي مقدمتها الكيان الصهيوني رغم استنجادها بأمريكا و لكن رغم كل التضحيات فإن العدو فشل فشلا ذريعا في تحقيق لأهدافه.