رياضة

قضية بوغبا فضحت المستور…مشعوذون وسحرة في قلب الكرة العالمية!

قال الشيخ عيسى وهو يمسك بقطعة من لحاء الشجر وزجاجة من الدواء الأصفر إن “هناك الكثير من الغيرة في كرة القدم” ولهذا السبب لجأ العديد من محترفيها إلى هذا المعالج الأفريقي في ضواحي باريس بحثاً عن طرق لدرء “العين الشريرة” على حد زعمه وغيرها من الآلام.
بوغبا
وكشفت فضيحة اتهام بول بوغبا نجم المنتخب الفرنسي الفائز بلقب مونديال 2018 بإلقاء تعويذة على زميله في “الديوك” كيليان مبابي، سُلّط الضوء على الدور الذي يلعبه المعالجون الشعبيون أو “المرابطون” بالرياضة الشعبية الأولى في العالم.
وقال الشيخ عيسى الذي قمنا بحذف اسمه بناء على طلبه “هذا ما أستخدمه لعلاج لاعب يتعرض للإصابة في المباريات الكبيرة”.
وزعم “المعالج التقليدي” المولود في ساحل العاج أنه قادر على “رؤية الماضي والمستقبل”.
وقال القس الإنجيلي جويل تيبو إنه “مع وجود الكثير من الأموال على المحك ومسيرة كروية يمكن أن تنتهي بتدخل واحد يلجأ نخبة الرياضيين بانتظام إلى الأطباء السحرة..”.
كل ذلك كان سرياً بعيداً عن أعين العامة، حتى وقع بوغبا -الذي ينحدر والداه من غينيا- ضحية محاولة ابتزاز مزعومة العام الماضي من قبل بعض المقربين منه أبرزهم شقيقه.

دفع من أجل تعويذة ضد مبابي!

وزعم شقيقه الأكبر ماتياس أن بوغبا دفع لطبيب ساحر من أجل إلقاء تعويذة على مبابي، لكن نجم مانشستر يونايتد الإنقليزي السابق ويوفنتوس الإيطالي الحالي والمعالج الروحاني أخبرا الشرطة أنهما لم يفعلا شيئاً من هذا القبيل.
وقال “المرابط” إن المبالغ الكبيرة التي دفعها له بوغبا كانت من أجل “أعمال خير في أفريقيا”.
ومع ميل 3 من كل 10 أشخاص في فرنسا إلى الإيمان بنوع من السحر وفقاً لاستطلاع أجري عام 2020، قامت وكالة الأنباء الفرنسية على مدار العام الماضي بالتحقيق في هذا العالم المغلق مكتشفة كيف أن المعالجين بالإيمان “نصفهم يثيرون الخوف والنصف الآخر محتقرون” وفق ما قال أحد علماء الأنثروبولوجيا (علم الإنسان).

“هدية”
كلود لوروا
يرتدي الشيخ عيسى سروال الجينز في الشارع لكن عندما يستقبل طالبي العلاج يرتدي زياً أفريقياً طويلاً.
وقال الرجل البالغ 45 عاماً ـ الذي يدير أيضاً شركة تنظيف ـ إنه لا يؤمن بالتمائم “بل أؤمن بالقرآن والنباتات” زاعماً أن لحاء الشجر يحمي من “العين الشريرة” أما البذور المطحونة فـ”تجعلك محظوظاً” والجرعات “تضيف لمعاناً” وجاذبية لـ”الساسة والمحامين ورجال الأعمال” الذين قال إنهم يأتون إليه بحثاً عن “المحبة والإعجاب”.
وأشار أيضاً إلى وجود علاجات أيضاً من أجل تعزيز “القوّة الجنسية”.
وكسب الشيخ عيسى هذه “الهدية” من والدته “التي تقرأ الأصداف” ووالده الإمام، وقد تدرب مع معالجين دينيين غرب أفريقيا حيث يستشير الناس في كثير من الأحيان “المرابطين” وذلك بعد دراسته في مدرسة قرآنية.
وأفاد أن شهرته بدأت عندما “ساعد” أحد السياسيين على أن يصبح وزيراً في الحكومة.
ومعظم زبائن الشيخ -الذي يصر على أنهم يدفعون فقط تكلفة استيراد نباتاته ونفقات سفره- غالباً من الأفارقة وجنوب آسيا، على الرغم من أن بعضهم يأتي من منطقة الكاريبي الفرنسية وفرنسا نفسها.
وقال “الناس لا يتحدثون عندما يأتون للمرة الأولى. عليّ أن أُخَمِّن مشكلتهم” مضيفاً أن البعض يواجه مشاكل في المنزل أو العمل أو يعاني من مشاكل صحية أو يبحث عن “حب حياته”.
وبالنسبة لعالم الأنثروبولوجيا جان بيار أوليفييه دي ساردان من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، فإن “بعض (المرابطين) يشبهون المعالجين النفسيين.. والبعض الآخر “نصابون” مضيفاً أن بعضهم ينحدر من تقليد صوفي ولديه “ثقافة دينية عميقة ورغبة في المساعدة” لكن آخرين لا يعرفون سوى “بعض سور القرآن ويستخرجون الحد الأقصى من ضحاياهم” من الناحية المادية.
ولا تتدخل الشرطة الفرنسية إلا عندما تكون هناك شكاوى حول الاحتيال أو ممارسة الطب بشكل غير قانوني.

“الاعتماد” على الأطباء السحرة

وفي الرياضة حيث الأموال الطائلة تنتشر الخرافات، يمكن أن تخرج الأمور عن السيطرة بسرعة.
ويقول القس تيبو إن “المسيرة الرياضية قصيرة وأقل إصابة” يمكن أن تكون كارثية، وبالتالي يبحث الرياضيون في بعض الأحيان عن المساعدة لأنه “ليس لديهم القوة الداخلية للتغلب على كل شيء” يواجههم.
لكنه أكد أن “ما يفعله هؤلاء المرابطون خطير للغاية”.
ويعرف المدرب الفرنسي الأسطوري كلود لوروا الذي تولى الإشراف على 6 منتخبات أفريقية، هذه المشكلة جيداً جداً، حتى أنه تعرض للتهديد ووصم بـ “الساحر الأبيض” لأنه أبعد “المرابطين” عن طواقمه ولاعبيه.
ورأى لوروا أن “بعض اللاعبين يحتاجون إلى التحدث مع المرابطين، وهذا يمكن أن يريحهم، كما أنه بمثابة رابط مع وطنهم”.
وعلى الرغم من إصراره على أنه “لا يؤمن ولو لدرجة واحدة” بسلطاتهم، إلا أنه ما زال مضطرباً من حادثة واحدة.
فعام 1997 وبعد مباراة الذهاب الكارثية بالدور التمهيدي الثاني من مسابقة دوري أبطال أوروبا ضد ستيوا بوخارست الروماني والتي خسرها بثلاثية نظيفة، كان على باريس سان جيرمان -حيث كان لوروا لاعباً- الفوز بـ4 أهداف إياباً من أجل التأهل لدور المجموعات.
وفي محاولة يائسة للحصول على أي شيء قد يساعده في تحقيق مبتغاه، دفع النادي “لأحد كبار المرابطين الماليين” مبلغ 500 يورو، وقد “طلب منا صور اللاعبين وأرقامهم، وقبل مباراة الإياب على أرضنا أخبرنا أن اللاعب رقم 18 سيسجل الهدف الرابع في الدقيقة 37”.
وفاز سان جرمان 5-0، وسجل صاحب القميص رقم 18 الهدف الرابع بالدقيقة 41.

التضحية بابنه

يقول لاعب كرة القدم العاجي الدولي السابق جيل يابي يابو، بعد تعرّضه للاحتيال وخسارته 200 ألف يورو على يد أحد الأطباء السحرة، إنه دفع لتحقيق وعود المعالج التقليدي جني تلك الثروات 40 ألف يورو، 50 ألفا، ثم 60 ألفا.
ويذكر لاعب الوسط السابق -الذي يشرف حالياً على فريق سويسري من الدرجة الثانية- أنه عندما أصابه الإرهاق المالي من كثرة ما دفعه، قال له الطبيب الساحر “إذا لم يكن لديه المزيد من المال عليه التضحية بابنه. تحليت بالقوّة للقول توقف ولم أعد أزوره بعدها”.
ويقول يابو إنه خُدع خلال سنتين ولم يحصد مقابل ذلك “أي شيء إيجابي” وأوضح “عرف (الساحر) كيف يضعني في دوامة وفقدت القدرة على التفكير بصفاء..”.
ويختم بأن بعض الأطباء السحرة هدّدوا ضحاياهم “بالثأر.. خشية من الانفصال عنهم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى