قرأت لكم: عندما قال الشيخ شعراوي : ايها الفنان لا تعتزل ..

قرا لكم صالح الحاجة ما يلي: نحن الآن عام 1979 أمام العرض المسرحى «عش المجانين» بطولة الفنان الراحل محمد نجم وميمى جمال وليلى علوى.
الجمهور الآن يستعد للوقوف استعدادًا لتحية أبطال العرض، حيث يدخل الفنان حسن عابدين – بلدياتى من محافظة بنى سويف جنوب القاهرة ( وكذلك المخرج الكبير صلاح أبو سيف) – فوجد التصفيق مدوٍيا، والرجل من فرط تواضعه يكاد يبكى وهو ينحنى احترامًا وإجلالًا وتقديرًا للجمهور، بعد ساعات سيغادر القاهرة، متجهًا إلى السعودية لأداء العمرة، وقد حدث!
•••
بدأت المناسك، وبدأ يلف بجوار قبر الرسول – بعد النشر طارق حسن عابدين صلح لى وقال:” كان حول الكعبة المشرفة فى مكة – اقترب منها، ثم توقف أمامها، وجلس بجوارها رفع يديه بالدعاء، ودعاء وراء دعاء، دموعه بدأت تتساقط، ومع صوت نحيبه التى بدأت تنهمر، اقترب منه حراس الأمن.
•••
الحارس يسأل:
” من هذا أخى الكريم؟
رد زميله، بعدما اقترب منه قليلاً: –هذا ممثل مصرى!
رد: ممثل.. أيش جاى؟ ( أيش؟ سؤال للاستفسار )
— ممثل!
هز زميله رأسه مؤكداً .. فقال له:
“ابعده لا تجعله يقترب أكثر من ذلك ( قالها بامتعاض لا يليق) وبالفعل نفذ فرد الأمن الأوامر.
حسن عابدين الآن يُطرد من الحرم المكى.. لماذا؟ لأنه.. ممثل!
على أول طائرة عاد حسن عابدين للقاهرة مصدوماً، ومهموماً، وحزيناً، والهم والحزن جعله يأخذ قراره.
والقرار هو «اعتزال الفن»!
•••
فى منزله بمصر الجديدة، رن جرس التليفون:” ألوه.. أنا محمد نجم، حمد الله على سلامتك يا أستاذ، جمهورك فى انتظارك. «هه.. هنشتغل إمته»؟ رد حسن عابدين: “يا نجم.. لن أعود للتمثيل مرة أخرى.. سأعتزل!
مر على هذا القرار 30 يوماً، الرجل لا يفعل فيها إلا تأدية الصلاة فى المسجد والعودة للبيت، وما بين مشوار المسجد والعودة للبيت، لا يوجد فى ذهنه سوى جملة حارس أمن الكعبة، وهو يقول لزميله «ايش هذا؟ ممثل.. شو جاى يسوى هنا.. ابعدوه من هنا! »
•••
فى هذه الفترة كان يتردد عليه صديقه الحميم الفنان الراحل «إبراهيم الشامى»، وذات يومً قال له «ما تيجى يا حسن نزور الشيخ الشعراوى، ونصلى معه الجمعة.. رد:”طبعاً.. ياريت!
وفى حضرة الشيخ الشعراوى حكى «إبراهيم الشامى» الحكاية له وقرار حسن باعتزال الفن، تبسم وجه الشيخ وقال له «وإذا اعتزلت.. أنا أتفرج على مين؟ » تبسم وجه الفنان حسن عابدين وقال له «يا مولانا.. هو حضرتك بتتفرج علىَّ؟ »
— رد:”طبعاً.. أنت طالما تقدم فنًا يفيد الناس، كلنا بالطبع نشاهده. وأنت إذا تركت مكانك، سيأتى غيرك ويقدم فنا مبتذلاً، لا معنى له.. يا مولانا – الشيخ يقول للفنان – عد لفنك طالما تقدم فيه ما ينفع الناس، وأكمل مشوارك، واحكم بنفسك على ما تقدمه، فتهلل وجه «حسن عابدين» فرحاً.
•••
فى هذا الجو الصادق الودود، ابتسم الفنان إبراهيم الشامى وقال له: «خلاص.. يا أبوعلى اطمنت.. فكها بقى يا أخى» ثم قال وهو يضحك «شفيق.. ياااا راجل»! فضحك الثلاثة معاً.
خيري حسن
————-
•• الأحداث حقيقية والسيناريو من خيال الكاتب.
الصور:
الفنان الراحل /حسن عابدين
الفنان الراحل/ إبراهيم الشامى.
•• المصدر:
حديث صحفى للكاتب مع طارق ( ابن ) الفنان حسن عابدين ، نُشر فى صحيفة الوفد المصرية ( الصادر عن حزب الوفد ) يوم السبت – 27 أغسطس- آب – 2016.