في بنزرت محاضرون يتساءلون: هل يختلف الوضع بفلسطين مع طوفان الأقصى؟

مواكبة: الأمين الشابي
عقد فرع بنزرت للرابطة التونسية للتسامح، يوم السبت 18 ماي 2024 ببنزرت، ندوة حول القضية الفلسطينية، وذلك في شكل ثلاث محاضرات أثثها كلّ من، ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الأستاذ عابد الزريعي بمحاضرة تحت عنوان ” طوفان الأقصى، إنجازات وتحديات وآفاق « ..
والأستاذ صلاح المصري، بمحاضرة بعنوان ” زوال اسرائيل من الوجود ” ومحاضرة ثالثة بعنوان ” آفاق الحرب واليوم الموالي ” من تقديم الدكتور كمال الساكري. هذه النّدوة نشّطها باقتدار الأستاذ عادل القماطي وحضرها جمع محترم من المثقفين والمتتبعين للشأن الفلسطيني عموما.
وناقش مضامينها بعض من الحضور الكريم.
المحاضرة الأولى : طوفان الأقصى، الإنجازات و التحديات و الآفاق
تحت هذا العنوان حاضر الأستاذ عابد الزريعي، ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقدّم رؤية شاملة وذلك في مقدمة المداخلة، مفادها وأنّ الذكرى 76 للنكبة تختلف عن سابقاتها بل وتختلف عن كلّ المحطات السابقة للوضع الفلسطيني عموما، باعتبار وأنّ الكيان لم يعش على مدى 76 سنة الماضية، من صراعه مع الفلسطينيين والعرب عموما، حربا داخل كيانه وبالتحديد منذ تاريخ 7 أكتوبر 2023. بل كانت كل حروبه دائما خارج تلك الحدود.
وهذا ما يجعله يستشعر بخطورة الوضع حتى في وجوده أصلا.
1/أين نضع طوفان الأقصى أو ما هي الإنجازات : إن معركة طوفان الأقصى تستند إلى 4 مبادئ أساسية وهي: مبدأ الحق في تقرير المصير، ومبدأ الدفاع عن النفس، مبدأ درء الضرر، ومبدأ الاستباق. وهنا نضع تساؤلا كبيرا حول حركة المقاومة عموما بفلسطين، فهل هي حركة تحرير وطني؟ أم كما يزم الأعداء هي حركة لا علاقة لها بالتحرير؟ وعليه نقول سنضبط 3 مقاييس – في قالب أسئلة – للإجابة على ذلك. وعليه نتساءل معا، هل هذه المعركة شرعية أم لا؟ وهل هي فعّلت التناقضات في صفوف العدو أم لا؟ وهل خلقت تناقض بين العدو وحلفائه؟ وعبر الأجوبة عن هذه الأسئلة يمكن القول وأنّ المقاومة هي حركة تحرير أم لا.
وطوفان الأقصى بالفعل مرّ بمراحل ثلاث وهي، مرحلة الدفاع الاستراتيجي (ولمدّة 76 سنة)، ومرحلة التوحد الاستراتيجي (لم يعد وحده يجابه العدو)، ومرحلة التوازن الاستراتيجي، وهي التي المرحلة دشّنت ما يسمى بالهجوم الاستراتيجي.
2/التحديات : منها التحدي المدني، وذلك عبر عملية التطهير العرقي التي ينتهجها الكيان الصهيوني وذلك بالاعتماد على سلاح طيران العدو، حتى يسقط أكثر ما يمكن من الضحايا، باعتبار الكثافة السكانية التي تشهدها فلسطين وغزة على وجه الخصوص وذلك منذ سنة 2000. وفي عام 2002، أتت مرحلة التوطين خارج فلسطين. و ما يجري الآن هو مرحلة تدمير الملاذ المادي ( من بيوت و مدارس و مستشفيات و .. ) لتمرّ إلى تدمير الملاذ المعنوي وذلك عبر تدمير الأشخاص الأضعف وتتمثل في القضاء خاصة على النساء والأطفال وأيضا في تدمير الإعلام حتّى لا تنكشف صورته الوحشية. كلّ هذا يقوم به العدو من أجل اعداد المواطن الفلسطيني للهروب من أرضه.
التحدّي العسكري، بالرغم من الترسانة التي يمتلكها العدو (ولا سبيل للمقارنة) فإنّ الإرادة التي يملكها المقاوم الفلسطيني وهمته العالية، رغم أسلحته البسيطة وهندامه، ولغة الواثق بنفسه بعدالة قضيته التي يتحدث بها، وأيضا بالنظر إلى العدد الهام من العمليات اليومية ضدّ هذا العدو، تجعله هذا العدو يخوض معاركه بلا أدنى احترام للكائن البشري أو الوازع الأخلاقي.
التحدّي السياسي، وقد تجلى موقف المقاومة بما تمّ الاتفاق عليه باجتماع إسطنبول حول تلك المسألة.
3/الآفاق : لا أحد يشك في الشرخ العميق الذي أحدثته المقاومة في جسد هذا الكيان، وذلك عبر توحّد كلمة المقاومة، موقفا ودفاعا عن فلسطين. وأيضا عبر ما خلقته من تناقض عميق أيضا بين العدو وحلفائه داخل مجتمعاته. فضلا عن كشف صورته الحقيقية للعالم بأسره وضعف سرديته على كونه القوّة التي يخشاها العالم. ينضاف إلى ذلك إصرار المقاومة على تثبيت الخطوة الصحيحة لتحرير الوطن. وكلّ هذه العوامل تبشر بمستقبل أفضل للشعب الفلسطيني.
المحاضرة الثانية: زوال إسرائيل من الوجود
تحت هذا العنوان حاضر الأستاذ صلاح المصري، وهو شعار كثيرا ما كان يرفعه الشهيد بوغنيم، مبينا وأنّ الكيان الصهيوني كان يرتع سابقا ويعربد في كل البلاد العربية بلا رادع ولا حدود. مستشهدا بما فعله الكيان في تونس بحمام الشط وبالعراق في الاعتداء على مولد تموز وفي سوريا وفي لبنان والقائمة طويلة. ولكن طوفان الأقصى زلزل الأرض من تحت أقدام العدو الصهيوني وفي عمق ما يعتبره كيانه الخاص ولا أحد يقدر أن يطاله. وهي بالتالي محطة استثنائية، مثلها طوفان الأقصى، وتلقى خلالها العدو صفعة قوّية. وما دخول إيران واليمن على الخط إلاّ دليل على تحوّل الذل إلى داخل، والذي يعتبر بإعلان رسمي على زوال إسرائيل من الوجود.
1/اشكال جديدة نحو التطبيع : إلى جانب الأشكال القديمة من تطبيع بعض الدول العربية مع هذا الكيان، فإن عملية طوفان الأقصى أفرزت لدى هذه الدول مظاهرا أخرى من أشكال التطبيع وتتمثل خاصة في منع تظاهر شعوبها ومساندة فلسطين بل وصلت بعض الدول العربية إلى درجة منع حمل العلم الفلسطيني أو ارتداء الكوفية أو الشال الفلسطيني وجمع التبرعات.
2/ إسناد للمقاومة عبر إدارة الاختلاف : أحرار اليمن وجنوب لبنان وإيران والعراق لم يتأخروا لإسناد المقاومة عبر اشكال مختلفة. وفي هذا الصدد علينا، الابتعاد عن التناقض الأيديولوجي باعتباره لا يشكّل إلاّ 2 بالمئة أمام التناقض من زوال هذا الكيان. وبالتالي لابدّ من إدارة هذه التناقضات الثانوية عبر الحوار وأيضا تكريس ثقافة الاختلاف ولكن اختلافا لخدمة فلسطين، باعتبار وأنّ إسرائيل تلعب على مثل هذا الاختلاف وتؤججه.
3/الاسناد المادي : الاسنادي المادي و بالتالي المالي لا بدّ منه و ذلك تثبيتا للمقاومة و عليه على الشعوب أن تنتقل من الاسناد العاطفي ( وهو محمود ) إلى الاسناد المادي بمختلف أشكال المساندة المادية.
4/ إعداد ميثاق : دون إطالة أقول وأنّه دون العمل والتخطيط لزوال هذا الكيان، كلّ ذلك يبقى عمل عاطفي لا غير. وبالتالي لابدّ من اعداد ميثاق يضبط كل التزاماتنا تجاه المقاومة وعموما تجاه القضية الفلسطينية. وليختم مداخلته بالقول، وأنّ الطوفان له مرجعية قرآنية، فهل ما تمّ كسبه في الميدان يمكن أن نخسره في الحوار السياسي حول القضية الفلسطينية؟
المحاضرة الثالثة: آفاق الحرب في اليوم الموالي
أتى الدكتور المحاضر، كمال الساكري، وبطريقة برقية وجميلة، على العديد من المسائل الهامة حول التغييرات القادمة، حزبيا إقليميا ودوليا. فحزبيا فلابدّ من مراجعة جذرية للأحزاب والمنظمات بالنظر للشكل التي بنيت عليه في وقت سابق. مبينا وأنّ طوفان الأقصى بيّن وأنّه لا جدوى منها باعتبارها لم تفلح ولو في تحريك الشارع للوقوف مع القضايا العادلة.
اقليميا، أيضا تبيّن عبر المواقف المتخذة والتموقع والتخندق إلى جانب الكيان من قبل البعض، وأنّ بعض الأنظمة العربية أصبحت لا تختلف كثيرا في عدائها، عن اسرائيل، لبقية الدول العربية وللقضية الفلسطينية بالتحديد.
دوليا، لا شيء ينتظر خاصة من الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة بالنّظر إلى الرحلات المكوكية لرئيس أمريكا ووزير خارجيته وغيرهما إلى الكيان للمؤازرة ومساندة الكيان على كل الصعد. وأوروبا أيضا لم تختلف عنها في الوقوف إلى جانب اسرائيل، أما روسيا، فهي تنظر إلى افريقيا على أنّها تابعة إلى أوروبا.
ليختتم مداخلة الهامّة بالقول، ورغم كل ذلك فقد قلب طوفان الأقصى الطاولة على كل هذه الاستراتيجيات. ولكن للأسف، أحزابنا و أنظمتنا مازالت تعيش على وقع 6 أكتوبر، ولا على وقع 7 أكتوبر 2023.
كما توقع وأنّ العديد من الأنظمة ستسقط و لو بعد حين. مضيفا و ما الصمت الحالي إلاّ عملية اختبار وسيأتي الرّد.. واعتقد وأنّه إذا أردنا الاستفادة من الوضع الحالي علينا تخفيض المنسوب الإيديولوجي، وبالتالي رفع التحالف ضدّ العدو. ومن هنا علينا تجاوز اختلافاتنا عبر الحوار والاهتمام بالإسلام الصحيح الذي يوحّد الغرب والمسلمين، مضيفا وأنّه من المفارقات هذا العصر وأن ألمانيا النازية نجدها متحالفة مع الصهيونية إيمانا منها بوحدة المصير؟