فنون

في بنزرت: ‘فيزا’ كريم الغربي، تصوّر واقعنا المرّ بكل حلاوة ودمعة وابتسامة (صور)

أمام ما يزيد عن 7 آلاف متفرج، قدموا لمتابعة مسرحية ” فيزا ” لكريم الغربي وذلك مساء الجمعة، الموافق لـ 11 أوت 2023، بمسرح الهواء الطلق حافظ عيسى ببنزرت، والأكيد وأنّ أغلبهم يشاهدون ” فيزا ” للمرة الثانية باعتبارها برمجت أيضا خلال الدورة السابقة…

وتقريبا بنفس العدد، ونفس الإقبال، ونفس الحماس… لمتابعة هذه المسرحية التي أكّدت وأنّ كريم الغربي، ممثل من الطراز الرفيع كيف لا وهو الذي شدّ الجمهور لأكثر من ساعتين من الضحك والترويح عن النفس و لكن أيضا كانت رسائله واضحة وجليّة، ولكنّها ملفوفة في بالنكتة و خفّة الروح و كأنّه يطبّق ـ عبر المسرح ـ في قاعدة، “علّموا صغاركم و هم يلعبون”، و لكن كريم الغربي يعلّم كلّ الشرائح العمرية و هو يضحكون؟

واقعنا مرّ بين دمعة و ابتسامة

هكذا صوّر لنا واقعنا الممثل كريم الغربي عبر ” فيزا ” و غمس هذا الواقع في محلول العسل مثل الدواء المرّ حتى نقدر على ابتلاعه ونحن نضحك و لكن في حقيقة الأمر ذلك الضحك يخفي دموعا على حالنا و واقعنا الذي تردّى فيه خاصة شريحة الشباب.
هذا الشباب الذي سدّت في وجهه تقريبا كلّ الأبواب و لم يبق أمامه إلاّ الحلم بالهجرة وتغيير هذا الواقع المرّ ولو كان عبر التزوج من أجنبية و رغم الاختلاف في العادات والتقاليد و حتّى العقائدي و الديني ليجد نفسه منبّتا، رغم رخاء العيش خارج الوطن، في مجتمع غير مجتمعه و عادات غير عاداته ووطنا غير وطنه، و الأهم بعيدا عن الدفء العائلي، رغم مرارة واقعه، ومن هنا تبدأ المسرحية في بعث رسائلها، رغم تحقيق حلم الهجرة و الزواج بأجنبية.

صورة

رسائل فيها حنين لتقاليدنا و حب الوطن

رغم تصوير المسرحية، لبعض العادات في أفراحنا خاصة، وما تكلفه لنا من مصاريف باهظة خاصة بمناسبة الزواج وما تحمله من تقاليد أحيانا مضحكة بل و تصوير بعض تصرفات أهالينا خلال تلك المناسبات بأسلوب ساخر، أو بمناسبة الاحتفال برأس السنة عندنا، عبر تعرية ـ بعض عاداتنا بتلك المناسبة ـ و التي لا علاقة لنا بها ـ و بطريقة فيها من السخرية الشيء الكثير مقارنة بما يحدث في الخارج…
أو تلك المقارنات بين وضع طرقاتنا، و ما تعانيه من الحفر و النتوءات و غيرها، أو فضاءاتنا الخضراء التي تعيش الجدب و الأوساخ و الاعتداء عليها ـ فإنّ ” فيزا ” بعثت أيضا، أكثر من رسالة إيجابية، في هذا المجال، لتقول لنا – و هي تضحكنا – عبر تلك المقارنات، فإنّ حياتنا و تقاليدنا و حبّ الوطن، رغم كلّ سلبيات العيش فيه، هو أفضل بكثير من الغربة، الغربة عن الوطن و الغربة عن العائلة و الغربة عن عاداتنا الجميلة و نحن نعيش عادات لا علاقة لنا بها في خارج الوطن.
وهي بالتالي دعوة صريحة لحبّ الانتماء للوطن و العمل على برّ الوالدين و دعوة للتآخي والمحبة بالرغم من قلّة ذات اليد، لأنّ دوام الحال من المحال و هذه أيضا دعوة للتفاؤل و الحلم بأنّ التغيير قادم، رغم كلّ ” الإخفاقات ” سواء التي نعيشها كأفراد في مجتمعنا أو كوطن، الذي يوجد فيه كذلك من يخونه و يختلس أمواله و يرهنه للخارج. ففي كل هذه الرسائل طمأنة بأنّ القادم أجمل وأفضل.

كريم الغربي ابتعد عن الانحدار

في الندوة الصحفية التي تلت العرض، و إجابة على تساؤلات الإعلاميين و الإعلاميات، الذي قدموا، من جهات مختلة و عبر محامل مختلفة، مكتوبة و مرئية و مسموعة و الكترونية، عبّر بداية، كريم الغربي، عن فرحه بنجاح عرضه جماهيريا و مسرحيا. وشكرا جمهور بنزرت – الذي لا يتأخر في كلّ عروضه.
كما أكّد أيضا و أنّه نضج كثيرا في اختياراته المسرحية و مضامينها و طريقة أدائها، معبّرا عن رغبته في عدم الانحدار بالعمل المسرحي إلى مستوى الايحاءات، مؤكدا أنّ سنّه كان في أول عرض مسرحي لم يتجاوز 26 سنة واليوم قد بلغ 33 سنة وما يعنيه ذلك من نضج على كل المستويات و خاصة في جعل الشرائح العمرية و أيضا العائلات تقبل على أعمالي المسرحية بدون خوف من أي ايحاءات لا أخلاقية، مضيفا وهذا اختيار منّي وعن قناعة…
وعن سؤال لمندوب الصريح، أوّلا، حول سرّ هذا النجاح، هل هو الإعداد الجدّي وراء هذا النجاح أم “اللي سمّاك غناك؟ و ثانيا هل يكفي التكوين الأكاديمي لينجح الممثل كممثل؟ ليجيب كريم بالقول و ” أنّ هذا العمل كلّفني سنتين من العمل الجاد و بقية الفريق، و الحمد لله ها نحن نجني ثمار ذلك المجهود في رضاء الجمهور و اقباله على عروضي المسرحية. و ثانيا، التكوين الأكاديمي، وحده لا يصنع ممثلا، فهذا المجال صعب للغاية، فبالإضافة إلى التكوين الأكاديمي، الموهبة و حب المسرح هي أيضا من شروط نجاح الممثل.

شهادة مختص:

لنختم هذه الورقة، بشهادة، أدلى بها أستاذ المسرح، محمد أمين الزواوي، و هو زميل دراسة لكريم الغربي، جاء فيها بالخصوص أنّ ” هذا العمل جاء مختلفا كليا عن أعماله السابقة، سواء في المسرح أو التلفزة، من حيث الجودة و الطرافة و الأداء و ترابط أحداث النّص و عمق دلالاته.
و”فيزا ” نجحت في تجسيد هذه المعادلة الصعبة، حيث تضمن للمتفرج حقّه في الضحك، و في الآن نفسه أتت حاملة لرسالة، وذلك بعيدا عن السقوط في الاسفاف، فكريم جعلنا نضحك على تلك المواقف المؤلمة التي تستوقفنا في مسارات حياتنا اليومية، و لكنه في الوقت نفسه فضح سلوكياتنا و بالتالي بعث للمتفرج رسائل مشفرة تخاطب عقله و وجدانه ”

a2

مواكبة: الأمين الشابي

كواليس:

ـ المعدات السمعية البصرية مازالت تمثل نقطة سوداء في مهرجان بنزرت الدولي ونسأل لماذا لا يتم تغييرها و كراء معدات أخرى؟

ـ أيضا مازال الإعلاميون يعيشنا تحت غطرسة بعض من يحرسون أبواب أين تقام الندوة الصحفية، بعد كل عرض، حيث يسمح لكل من هبّ و دبّ لأخذ صور – من المعارف و المقربين ـ في المقابل يجد الإعلامي نفسه في وضع استجداء ليقوم بواجبه رغم حمله لإشارة الدخول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى