فنون

في الحمامات: لقاء العمالقة بين البحر وصوت زياد غرسة..

كتب: سمير الوافي
حان الوقت لتسجيل الفنان الاصيل زياد غرسة كـ ثروة وطنية…وجبت حمايتها وتنميتها والإستثمار فيها…فهو يمثل بعض ما تبقى من هويتنا الثقافية والفنية الأصيلة…وما ذكرني في ذلك هو الحفل الأنيق والفخم الذي حضرته ليلة البارحة في مسرح الحمامات…بدعوة كريمة من مهرجان الفل والياسمين الذي تنظمه جمعية صيانة مدينة الحمامات التي يرأسها الصديق الياس خذيرة…أحد رجال الحمامات المخلصين…!!
حيث كان زياد غرسة متناسقا مع أهداف الجمعية وإسمها ومعانيها…وقدم حفلا راقيا سكرنا فيه بالمقامات والطبوع والموشحات العتيقة…وتخمر الجمهور بمفعول أغان أصيلة تهيّج فينا تونسيتنا وتثير نخوتنا وتعيد لنا هويتنا…حفل خارج صخب المهرجانات التجارية السوقية التي إستولت عليها شركات الانتاج وماكينات التسويق الجبارة والمسيطرة…!!!
لقد كان لقاء العمالقة بين نسمة البحر المنعشة…و صوت زياد الأصيل…و جمال مسرح الحمامات الجميل…ورائحة الفل والياسمين التي تبثها الحدائق الجميلة المحيطة بالمسرح…وهي أجواء تجعل الشيطان يوسوس لك لتضعف وتحب فصل الصيف…وتتصالح معه…لا قدر الله طبعا…!!!
دائما أقول وأكرر أن زياد غرسة أصبح رمزا من رموز هويتنا وسيادتنا الثقافية…بتفانيه في خدمة الأغنية التونسية الحقيقية والأصيلة…ونضاله من أجل حفظ تراثها وفرض أجمل ما في روحها وهويتها…وصموده في خندق هجره الأغلبية نحو سوق مربح وسهل وسريع…وظل يحارب فيه رفقة أقلية في معركة الأصالة و الهوية…!!!
لذلك لا يجب أن تعامل الدولة زياد كفنان كبير فقط…بل كثروة وطنية…يجب أن تستثمر فيها وتحميها…وأن ينال ما يستحقه من إحترام وتقدير وإجلال…فقد ورث عن والده الفنان الطاهر غرسة روحا تونسية أصيلة…و منجما من الطبوع التونسية يستخرج منه أغلى القطع الفنية الأصيلة المطروزة بصوته الجميل…!!!
كانت ليلة كبيرة ومختلفة عن ليالي أغلب المهرجانات المستباحة…تمايلت فيها ضيفة الشرف سعادة سفيرة دولة الإمارات بعفوية على إيقاعات أغاني زياد…وظهرت على حركاتها وملامحها علامات التفاعل الروحي والجسدي…ولولا المقام وهيبة المنصب لرقصت طربا وتفاعلا مع الأغاني التونسية الأصيلة دون تكلّف…
وقد تحكم زياد في أحاسيس ومزاج الجمهور…الذي إن لم يرقص جسده فإن روحه ترقص مع الموشحات والطبوع…!!!
شكرا لإدارة مهرجان الفل والياسمين بالحمامات…ولرئيسه الشرفي النائب ياسين مامي إبن الحمامات المخلص…على هذه الأناقة في التنظيم والإختيار والحفاوة…وشكرا لروح تونس زياد غرسة…على نضاله المتواصل من أجل إنقاذ الأغنية التونسية الأصيلة…من غزو شركات الانتاج وصناع الموضة وسماسرة الفن الذين إستباحوا المهرجانات…ولمدير أعماله الناصر القرواشي على إخلاصه في إدارة مزاج ووقت ومعنويات ونجاحات زياد !!!
شكرا لهم من القلب على ليلة شيقة وممتعة كادت أن…تحببني في الصيف…لولا ألطاف الله…!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى