رياضة

غول العنف يضرب كرتنا في العمق..فلمن نحمل المسؤولية؟

الحياة مليئة بالمواقف والقضايا التي تستدعي ان يطرح فيها الإنسان رأيه وان يكون صريحا احيانا او ديبلوماسيا أحيانا اخرى والبعض قد يجد إخفاء الرأي او لنقل تجنب عرض الرأي خيارا مثاليا لتجنب المشاكل وخلاصة الكلام الصراحة لا تعني الوقاحة َوالمجاملة ليست بنفاق…

اصل الحكاية ان العنف استفحل في كل الملاعب بصفة تدعو للاستغراب في غياب المسؤول القادر على تنظيف القطاع من هؤلاء المارقون عن القانون والذين تلاعبوا بهذا الحقل الجميل وعاثوا فيه فسادا وغرسوا بدل الورود اشواكا زادت في عنصري الكراهية والجهوية. فكان لا بد من وضع علامة قف لهذه الفوضى الرياضية وزحف الشر على الخير بما جعل حقلنا الرياضي يتحول إلى خندق تترسب فيه الأوساخ وتتصاعد منه الروائح الكريهة من كل جانب..

لم يسلم أحد!

أرقام مفزعة من الضحايا وضعتنا أمام حقيقة الخطر الذي يتهددنا من خلال ما يحدث أسبوعيا في ملاعبنا وفي المدارج. فلم يسلم لا المشاهد ولا المشجع ولا اللاعب ولا المدرب ولا المسؤول ولا الأمني احيانا. فقلة الأدب على كل الألوان لتكون النتيجة وصمة عار على جبين الكرة التونسية التي تتمخض على مر الأعوام لتلد لنا في كل مرة احداث مؤسفة أليمة في مختلف الملاعب حتى صار الواحد منا يبتهل إلى العلي القدير صباحا مساءا ويوم الأحد بأن تمر المباريات بسلام، وألا تعود إلينا صور العار من جديد.

مشاهد مرعبة…

صور مرعبة ومقززة تأتينا من اغلبية الملاعب فماذا يعني أن تعتدي على مدرب او لاعب او مسؤولا. نعم فما عشناه خصوصا في الأسابيع  الماضية من احداث مؤسفة تدمي القلوب بما جعلنا لا نصدق ان هذه الصور وهذه الكوارث تحدث في ملاعبنا. 

فهذا مدرب جرجيس قيس الزواغي يسقط مغشيا عليه ومن الطاف الله كتب له عمرا جديدا، وفي ملعب المكنين يتم الاعتداء على احد مسؤولي السبورتينغ بآلة صلبة على راسه من قبل لاعب جمعية جربة…في ملعب حامة قابس أكل وفد نسر جلمة طريحة نباشة القبور َوكدنا نصدق ان المباراة دارت في الأراضي المحتلة، وقبلها باسابيع شهد ملعب الفحص مجزرة  بشرية اثر الاعتداء على وفد بعث بوحجلة، وَ. وو.. وو ما هذا يا هذا.؟ أتريدونها جنائزا لنوقف كرتنا.. ؟

الرابطة الوطنية تتحمل المسؤولية

فوضى عارمة تعم الميادين وصناع القرار يقفون فوق الربوة وكأن الشىء لا يعنيهم…نعم نقولها بصريح العبارة ان هذه الفوضى شجع عليها المسؤولون عن الكرة في رابطتنا الموقرة بقرارات لا تحمل في طياتها حلولا جذرية غير جمع المال من الخطايا وكفى.

فماذا يعني ان نعاقب فريقا بخطية مالية او في أقصى الحالات عقوبة اللعب دون حضور جمهور في المباراة الموالية او اللعب خارج القواعد؟ ماذا سيخسر المشاغبون؟ الخاسر الوحيد في هذه الحالة هي الفرق التي تجد نفسها مضطرة إلى دفع الخطايا للرابطة وتتكبد خسارة مالية تزيد في ازماتها.

وما زاد الطين بلة ان العقوبات تتطبق بصرامة على الفرق غير المسنودة من هذا الهيكل الرياضي في حين تعاقب النوادي الأخرى المقربة من صناع القرار بأدنى الخطايا ويقع حجب النظر عن بعض الاحداث الأخرى المؤلمة.. تحت عنوان تمخض الجبل فولد فأرا.

محسوبية وحسابات ضيقة َوانصر أخاك ظالما او مظلوما وتونس الكل تعرف.،غياب النزاهة والعدل في كرتنا التي أصابها داء، الكورونا،،

هذه الحلول التافهة زادت الأمر تعقيدات وأذكت لهيب التجاوزات واكدت للمشاغبين هشاشة المسؤولين الساهرين على تسيير الكرة في تونس. 

لابد من قرارات ردعية جدية

القرارات الردعية وحدها هي الكفيلة بوضع حد للهمجية التي تشهدها ملاعبنا ولا بد من الضرب بقوة على أيدي العابثين.

هذه الاحداث وظفها البعض ممن تخدم مصالحهم مثل هذه التجاوزات لغايات دنيئة تمس بالقطاع وبالرياضيين. وكانت القرارات هشة فتأكد للعابثين بأن الطريق مفتوح لمواصلة التخريب والفوضى فزاد الأمر استفحالا ولم يتوقف النزيف، فجماهير النوادي التي تلعب على قواعدها لم تعد ترضى حتى بالتعادل وترفض الهزيمة تماما. فكثرت الاحتجاحات على صافرة الحكم وقراراتها، أما عن ضربات الجزاء فحدث ولا حرج. 

انها تتسبب احيانا في إيقاف اللعب او الاعتداء على طاقم التحكيم وفي بعض الأحيان يلتجأ الحكم للدخول في عمليات الترقيع اذا أراد العودة إلى مقر سكناه سالما… ولا أعتقد بأن المسؤولين سيتخذون قرار إلغاء النقاط في المباريات الرسمية لان الحل الوحيد الذي بقي امامهم هو اللعب وديا دون احتساب نقاط الفوز او التعادل او الهزيمة.

الحلول

التجاوزات التي نشاهدها اسبوعيا في ملاعبنا أعطت للرياضيين في مختلف أنحاء العالم صورة مشوهة للرياضي التونسي وأكدت بأن التسامح معها لا يزيد الأمر الا تعقيدات وبأن الحل يكمن في قرارات صارمة حتى وان لزم الأمر شطب الفرق التي تحدث جماهيرها شغبا، أو حرمان المشاغبين الذين تثبت إدانتهم من دخول الملاعب مدى الحياة حتى نساهم في وقف هذا التيار…

 ودون هذه القرارات الصارمة يجب إذن أن نضحي بالفرجة افضل مليون مرة من التضحية بأولادنا والرمي بهم في نار مستعرة قد تأتي على الأخضر واليابس.

التحكيم أيضا متهم..

والسؤال الذي يطرح نفسه بنفسه.. هل لنا حكام يحكمون بالعدل والقسطاس ولا يهابون الا خالقهم عند التصفير.. الجواب طبعا بلا.. بعد أن شاهدنا كوارث كروية رآها كل الشارع الرياضي الا الحكام.. حسابات ضيقة وولاءات وجهويات واطماع لخدمة هذا الفريق على حساب الاخر لإرضاء الاسياد من اجل تسجيل اسمائهم في القائمة الدولية.. وهل رأيتم بالله عليكم حكما يخرج من الميدان دون حماية أمنية  مثلما نشاهده في العالم الكروي الاخر. مع كامل احتراماتي للبعض الاخر من النزهاء والذين يعدون على أصابع الأيدي.

وهل نحن قادرون على ضمان فرجة راقية اليوم بدخلتها وخرجتها فوق المدارج ام ان ما نشاهده يصيبنا بالاسهال طالما لا نعرف كيف نتصدى للقليل حتى نضمن حق الكثير. وطالما شعار المدارج، انصر أخاك ظالما او مظلوما،،بمفهومها الخاطئ والساذج.  

كلهم اكدوا ان احترافنا اعرج…

من فرط تراجعنا على مستوى الكرة الممتعة واللعب النظيف والأخلاق الحميدة داخل الميدان وخارجه وشفافية قرارات الحكام والفرجة فوق المدارج فرض علينا السؤال الكارثة نفسه؟… هل يكون الحل في العودة إلى الهواية خاصة اننا لم نشاهد شيئا من منظومة الاحتراف.

الاحتراف في تونس كلمة على شكل أفعى رمونا أمامها وطلبوا منا ألا نخاف منها رغم خطورتها اولا ورغم جهلنا بطريقة مجاراة رقصها ثانيا.. فهل نواصل الزحف نحو المجهول ونحن اكثر الناس ادراكا ان هذا الثوب لم يصنع لنا.. أم نتوقف قليلا لنراجع حساباتنا ونتأخر قليلا لنقفز افضل إلى الأمام..

قف انتهى…

رضا السايبي 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى