صالون الصريح

عيسى البكوش يكتب/ محمد كربول (1935-2024): أحد رجالات الدولة كما عرفته

ISSA BACCOUCH
كتب: عيسى البكوش

انتقل مساء الثلاثاء 02 رمضان 1445 الموافق للثاني عشر من مارس 2024 الرفيق محمد كربول إلى رحمة الله، ولد سي محمد في المحبوبين بجربة يوم 15 فيفري عام 1935.

لقد تعلق بالجزيرة حتى النخاع وكان يراوح منذ أن أحيل على التقاعد بين ربوعها وبلاد ألمانيا التي درس فيها حيث تحصّل على أسمى الرتب العلمية ـ الدكتوراه في علم الاقتصاد ـ بفضل أطروحة حول مسألة الاندماج في المغرب العربي، وعاد إليها ليشغل لمدة 5 سنوات سفيرا للجمهورية التونسية بها…

مسيرة طويلة

وعند عودته إلى الوطن سنة 1972 التحق مباشرة بديوان المنعّم الهادي نويرة الوزير الأوّل (حيث شغل خطة مستشار ثم مديرا لشؤون السياحة).
ثم من بعد ذلك شغل نفس الخطة بوزارة الداخلية من سنة 1978 إلى سنة 1980 عندما عيّن مديرا عاما بوزارة الشؤون الاجتماعية، ويعود إلى وزارة الداخلية في أكتوبر من سنة 1987 ليشغل منصب مديرا عاما للأمن الوطني وهو ما كان استغربه معارفه، ولقد حصل له ما حصل للمنعّم القائد زكريا بن مصطفى سنة 1971 إذ أنهما لم يعمّرا في تلكم الخطة وبسرعة ارتقى فقيدنا إلى خطة كاتب دولة للداخلية في حكومة الهادي البكوش التي برزت يوم السابع من شهر نوفمبر من تلك السنة ولكن بسرعة أيضا انتقل سي محمد من مقر الوزارة التي تطلّ على شارع بورقيبة إلى مقر الحزب الحاكم الذي يطلّ على القصبة وانتمى ـ حول المنعّم حامد القروي ـ إلى الديوان السياسي.

سفير بألمانيا

وعند الإعداد لمؤتمر الاتحاد المنعقد في جويلية 1988 كان جمع من النوّاب يرون في سي محمد المرشّح الأفضل للأمانة العامة للحزب في صيغته الجديدة.
ولكن جرت الرياح بما اشتهت بعض السفن فتمّ “انتخاب” أحد أعضاء الديوان المصغّر فالتحق هذه المرّة بقصر الجمهورية بقرطاج حيث شغل خطة مستشار إلى أن وقع تعيينه سنة 1991 سفيرا بألمانيا إلى أن خلفه المنعّم صلاح الدين بن مبارك سنة 1996.

العمل الجمعياتي

ومنذ ذلك الزمن انخرط سي محمد في العمل الجمعياتي وانصهر في المجتمع المدني بعدما أعطى عصارة عمره للمجتمع السياسي فكان ـ والعهدة لكلّ المتابعين للشأن العام ـ رجل دولة بامتياز يذبّ عن مصالح البلاد في الداخل وفي الخارج، ينادي بالإصلاح وتغليب العقل على العاطفة فكان صارما ولا يخشى في قول الحق لومة لائم.
ومن شمائله الاجتماع بأهل الثقافة والعلم وهو الشغوف بمطالعة الجديد من المنشورات باللغات الثلاث وكان مواظبا على لقاء خلّه المؤرّخ الحبيب الجنحاني الذي كان تعرّف عليه في المهجر، وكثيرا ما كان يدعو إلى بيته ثلة من أهل الفكر وأصحاب القلم، وكنت سعدت شخصيّا بالدعوة التي وجّهها إليّ لحضور إحدى تلك المجالس وقد ضمّت يومها فيمن ضمّت المرحومين مصطفى الفيلالي و الهاشمي الطرودي.

‘جربة الذاكرة’

كما أننا عملنا سويّا ضمن جمعية “جربة الذاكرة” التي أسّسها المنعّم محمد بن إسماعيل سنة 1994 و تشرفت برئاستها وخلفني سي محمد سنة 2012 وقد كان مصرّا طوال عضويته في الجمعية على مواكبة المشروع الرائد في صدغيان “جنان التفاح” وعلى ديمومته.
لقد عاش سيّدا ومات سيدا
رحمه الله وأسكنه فردوس جنانه ورزق زوجته نفيسة ابنة المنعم محمد عاشور وابنتيه وأحفاده وجميع خلانه وأصدقائه جميع الصبر والسلوان.
وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى