عيسى البكوش يكتب: العلـــم التونســي

كتب: عيسى البكوش
ورثنا السواعد بين الأمم
صخورا صخورا كهذا البناء
سواعد يهتز فوقها العلم
نباهي به ويباهي بنا.
“حماة الحمى”
برزت فكرة العلم التونسي لدى الباي الحسين الثاني (1824-1835) وهو مستوحى من العلم التركي الذي يعود تاريخه إلى فترة السلطان سليم الثاني في القرن الثامن عشر وتجسمت بفضل الوزير الثاني صاحب الطابع…
إثر معركة نافارين التي شارك فيها أسطول تونس إلى جانب الأسطول التركي في مواجهة أنقلترا وفرنسا وروسيا التي انتصرت في هاته الواقعة والتي نجمت عن انتفاضة اليونانيين عام 1827 وحطمت جلّ السفن التونسية التي كانت ترفع الراية التركية، ففكر الباي وأمر وزيره شاكير ببلورة الفكرة فلم يذهب بعيدا إذ أنه اكتفى بتغيير لون النجمة والهلال من الأبيض إلى الأحمر، وبذلك تميزت تونس عن بقية الأقطار الإسلامية التابعة للخلافة العثمانية مثل الجزائر وطرابلس ومصر…
وبقي هذا العلم سائدا في بلادنا واعتمد في دستور 1959 في فصله الرابع :” علم الدولة التونسية أحمر قان تتوسطه دائرة بيضاء بها نجم أحمر ذو خمسة أشعة يحيط بها هلال أحمر”.
وقد مثّل هذا الصنيع الذي يُحسب لحسين الثاني والذي أقرّه فيما بعد أحمد باي الأوّل سنة 1837 بادرة أولى في النأي عن الباب العالي.
الاستعمار حاول طمسه
لقد حاول الاستعمار الفرنسي طمس هذا العلم ولكن إرادة الشعب كانت أقوى وكم كانت حسرتنا ونحن أطفال نشاهد العلم الفرنسي إلى جانب علمنا. وكم كان عظيما شعورنا عندما أصبح علمنا يرفرف لوحده في سماء الوطن المتحرّر.
لقد صرّح الزعيم بورقيبة بصفاقس يوم 17 سبتمبر 1955 أي غداة رجوعه المظفر إلى تونس: ” لقد سعى لوسيان سان “حامي” البلاد في سنة 1925 لدمج العلمين بحيث يصبح العلم الفرنسي هو الذي يُحمل فوق المباني وفي ركن منه نجمة وهلال صغيران يرمزان إلى وجود أهالي مسلمين…
لقد وقع عرض هاته المسألة على مجلس الوزراء ولكن وزير العدل الطاهر خير الدين نجل الجنرال الحسن الذكر عارض هذا الأمر بشدّة مشددا على أنّ في هذا خرقا لمعاهدة الحماية.”
لا يفقهون معنى الوطن
لقد توجّه الحبيب بورقيبة إلى المواطنين في مدينة الرديف يوم 13 جانفي 1956 أي قبل الاستقلال بشهرين ونيف قائلا: ” إنّ البعض لا يعي أهمية أن يرفع العلم التونسي لوحده لأنهم بكل بساطة لا يفقهون معنى الوطن.
إنّ العلم الذي يرفرف إنما هو فخر ونخوة لتضحية رجال ونساء من أجل أن لا يخنقه أي علم آخر، فهو يخفق عاليا وتخفق معه أرواح الشهداء الذين روت دماؤهم هذه الأرض العطرة.”
إنّ علم الجمهورية التونسية هو من أعرق الرايات في العالم وأبهاها، فهل من مذّكر؟.