صالون الصريح

عيسى البكوش يكتب: الحرية هي الأخت الرضيعة للعقيدة الإسلامية..

ISSA BACCOUCH
كتب: عيسى البكوش

في تقديمه لكتاب الباحث الفرنسي فرنسوا هوڤنان François Huguenin حول الكنيسة والحرية في جريدة لوموند Le Monde في عددها ليوم 3 نوفمبر 2023 يستعرض Roger-Pol Droit أهم ما يمكن استنتاجه من تطور لمواقف اعتمدتها المسيحية تجاه الحرية التي أطلت برأسها عند اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789.

فمن الرفض والعداء إلى المهادنة و”إرجاع لقيصر ما له وللإله ما له” ثمّ يتساءل في المحصّلة هل يمكن أن يحصل للإسلام ما حصل لمريدي عيسى؟، هل ستتطوّر العلاقات بين هذا الدين والحريات الديمقراطية؟…

وقد يحيلنا هذا الرجاء إلى ما اعتدنا الاستماع إليه منذ أربعة عقود عند اعتلاء “الإسلاميين ” لسدّة الحكم في انتخابات بعض البلدان.

الإسلام والديمقراطية

ولقد ردّد علينا علنا كثير من الساسة من غير ” المأدلجين ” بأنّ الإسلام لا يتعارض مع الديمقراطية، بينما ذهب ” المأدلجين ” إلى نفي ذلك.
والحقيقة هو أنّ الدين ـ والدين عند الله هو الإسلام ـ إنّما عماده نصّ مقدّس يتناوله المفسّرون بالتأويل. والتأويل كما هو متعارف هو قابل للصواب كما للخطأ.

الحرية في القرآن

وبالعودة إلى القرآن الذي قال الرفيق يوسف الصديق أننا لم نقرأه أبدا، نجد آيات قطعية تشير بالتصريح لمبدئي الحرية الفردية والعامة:
” فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ” سورة الكهف الآية 29
” يا معشر الجنّ والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان…” سورة الرحمان الآية 33
” وشاورهم في الأمر ” سورة آل عمران الآية 159
” وجادلهم بالتي هي أحسن ” سورة النحل الآية 125
وكذلك الأمر في سيرة الرسول الأعظم وفي سير خلفائه.
في مجال حرية المبادرة
” لو تعلقت همّة بني الإنسان بما وراء العرش لناله” حديث
وفي مجال حريّة الفرد:
” متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا” عمر بن الخطاب
وكذا الشأن من بعدهم لدى أصحاب الرأي والفكر
لقد أصدر محمد الطالبي (1921-2017) كتابا تحت عنوان يبدو لأوّل لحظة مشاكسا: “ديني هو الحريّة”.
وقال في كتاب آخر تحت عنوان “مفكر حرّ في الإسلام: ‘إنّ الإيمان بطبيعته هو حريّة’

وفي مجال حريّة المرأة

” من الجهل والحمق والغبن أن تمنع المرأة من وسائل ظهور مواهبها بدعوى حقنا في تقرير مصيرها حسب إرادتنا “. الطاهر الحداد (1829-1935)
وفي مجال تحرير العبيد فلقد سبقت بلادنا كلّ بلاد الدنيا وذلك في سنة 1846
جاء في رسالة للجنرال حسين (1825-1887) إلى قنصل أمريكا بتونس أموس بري يسأله فيها عن أثر إلغاء الرقيق في تونس.
” اقتضى نظر الدولة تحجير الاسترقاق من أصله لأنه لمّا تعذّر الرفق بهم والإحسان إليهم على الوجه المطلوب شرعا لم يبق إلا الأمر بعتقها “.
ويضيف الرئيس الأوّل لبلدية تونس: ” أرجوكم أيها القنصل أن تعتقدوا غاية تكدرنا من حروبكم الأهلية هذه الواقعة بينكم توجّعا على النوع الإنساني وغاية شفقتنا على أولئك العبيد المساكين”
لقد سنّ العلامة محمد ابن رشد (1126-1198) الذي اغترف من علمه علماء الغرب في زمان ظلماتهم الحكم القاطع في فصل المثال”.
‘إنّ الحكمة إنّما هي الأخت الرضيعة للشريعة’.
فهل من الكبر أنّ نعلنها مدوّية على رؤوس ملأ الغرب ” يا مسيو دروا” إنّ الحرية هي أيضا الأخت الرضيعة للعقيدة الإسلامية”.
يقول الحق في محكم تنزيله:
” لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغيّ.” سورة البقرة الآية 256

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى