صالون الصريح

عيسى البكوش يكتب/ الحبيب الجنحاني (1934-2024): المثقف العضوي كما عرفته…

issa bakouche
كتب: عيسى البكوش

لبّى يوم الأحد 30 جوان 2024 الأستاذ المتميز والمؤرخ الجليل الحبيب الجنحاني نداء ربّه.

والصديق الحبيب مثلما قالت عنه الدكتورة سعاد الصبّاح في تقديمها للكتاب التكريمي الذي أصدرته احتفاء به سنة 2017 تحت عنوان “طائر الحرية” : “هو قامة ملأت الأفق، فهو يطير بأجنحة الفكر ويسمو على بساط العلم”.
وتضيف: “لم يكن رقما زائدا في تاريخ بلد إنما هو ذلك الرقم الصعب الذي ناصر الإنسان في قضيته الجوهرية: ‘الحريّة’
ولقد تشرّفت بإعداد فصل في هذا الكتاب جاء فيه: “أن يحمل المرء القلم بيد والمعول بالأخرى فذاك هو في تقديري المثقف العضوي كما أبانه الفيلسوف والزعيم الايطالي أنطونيو غرامشي (1891-1937)
هذا المرء أليس هو الأكاديمي والأديب الحبيب الجنحاني الذي تجمعني به صداقة تجاوز عمرها الأربعين عاما منذ أن كنّا نحضر سويّا اللقاءات الفكرية حول الاشتراكية الدستورية بــ”إمامة ” الرجل الذي كان سابق ظله أي أحمد بن صالح.
بيني وبين الأستاذ الحبيب عديد الوشائج إذ جمعت بيننا ولو بصفة غير متزامنة مواعيد متتالية على درب النضال في مختلف المحطات، منذ فترة الشباب والانخراط في الحراك النقابي داخل الاتحاد العام لطلبة تونس، ثمّ زمن تحمل أمانة مدينتينا قليبية وأريانة واتحاد الكتاب التونسيين مرورا بأمّ المحطات أي مدينة الأنوار ـ باريس الحسناء وفاتنة الحواضر والتي كتب في حضنها “سمر على ضفاف نهر السان” وكتبت أنا “ومن المدن ما فتن” فكلانا متيّم بمدينة يفوح فيها أريج الحرية.

ذلك هو ديننا وتلك هي رايتنا…

في تقديم لإحدى مؤلفاته كتب الجنحاني بأنّ في أولويات القيّم التي تُسهم في توعية القارئ العربي ‘الثورة ضد جميع مظاهر الظلم السياسي والاجتماعي والإيمان بالحرية والنضال في سبيلها حتى آخر رمق’.
ولقد شرّفني الفقيد بتقديم كتابي الذي اقترفته سنة 2022 ‘نفحات من تاريخ تونس’.
جاء في الفقرة الأخيرة منه: ” لماذا يختار بعض الشغوفين بالسرد التاريخي مراحل الضعف؟، أدركت أنّ الهدف الذي هدف إليه المؤلف، فقد أراد أن يقول رغم اختلاف الزمن أنّ ضعف الدول واضطرابها يؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان سيادتها.
ولعلّ الأستاذ عيسى البكوش أراد تقديم درس في السياسة عبر التجارب التاريخية، ومن لا يعرف التاريخ يكبو به الجواد في السياسة.”
رحم الله الفقيد العزيز وأسكنه فردوس جنانه ورزق أهله وذويه جميل الصبر والسلوان وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى