صالون الصريح

صلاح الدين المستاوي يكتب: نواكشوط تستضيف المؤتمر الافريقي لتعزيز السلم

mestaui
كتب: محمد صلاح الدين المستاوي

احتضنت العاصمة الموريتانية نواكشوط أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس ( 21/23 جانفي 2025 فعاليات المؤتمر الخامس لتعزيز السلم في إفريقيا الذي يرأسه العلامة عبد الله بن بية (وهو في الآن نفسه رئيس منتدى أبوظبي للسلم ورئيس هيئة الإفتاء في دولة الإمارات العربية المتحدة)

راهنية المصالحات

وقد انعقدت هذه الدورة تحت شعار (القارة الافريقية واجب الحوار و راهنية المصالحات) والاختيار على هذا الموضوع الهام يندرج في إطار المتابعة للأوضاع الدقيقة التي تمر بها القارة الافريقية بالخصوص منطقة الساحل و بلدان جنوب الصحراء حيث شهدت في السنوات الأخيرة صراعات عرقية وطائفية هددت النسيج الاجتماعي والسكاني لعدة بلدان افريقية سقطت ضحية لها أعداد كبيرة من الضحايا وذلك بسبب ظهور حركات مسلحة هددت كيان العديد من البلدان مما استوجب تحرك الهيئات والمنظمات والقادة الدينيين الافارقة من العلماء ورؤساء الهيئات الدينية وشيوخ الطرق والزوايا فضلا عن العديد من رؤساء دول البلدان الإفريقية.

الافتتاح

واحتضان الجمهورية الإسلامية الموريتانية للمؤتمر الإفريقي للسلم في دوراته السابقة واتخاذه للعاصمة الموريتانية نواق الشط و ترؤسه من طرف أحد أبناء هو فضيلة العلامة عبد الله بن بية والاشراف على افتتاحه رسميا من قبل الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بحضور رؤساء دول العديد من الدول الافريقية الذين يحضرون تباعا حفل الافتتاح وتسلم جوائز المؤتمر التي أسندت هذه السنة الى الرئيس الإيفواري الحسن واتارا، مثلما أسندت من قبله الى رؤساء النيجر وغامبيا ونيجيريا كل ذلك وغيره يدل على اهتمام الدولة الموريتانية بقضية السلم في إفريقيا لاعتبارات استراتيجية أهمها الموقع الجغرافي باعتبار امتداد مساحتها وحدودها، وكذلك ماضيها التاريخي في نشر الإسلام عن طريق علمائها الاعلام ومحاضرها العلمية العريقة في شنقيط وما حولها من الحواضر التي ظلت مقصدا لطلبة العلم…

قوافل نشر العلم

ومنها انطلقت قوافل نشر العلم والتربية والتزكية والتوجيه ثم نهوض أحد أعلام موريتانيا والأمة الإسلامية الذي داع صيته في العقود الأخيرة فضيلة العلامة المصلح ورائد دعوة السلام والحوار وجمع الكلمة وإصلاح ذات البين ليس فقط بين المسلمين ولكن بين المسلمين وغيرهم من أتباع مختلف الديانات فضيلة العلامة الاصولي المقاصدي الذي يعتبر بحق من يتصل به سند هذا العلم أعني مقاصد الشريعة الذي لابناء الغرب الاسلامي نصيب الأسد فيه اعني (الامام الشاطبي صاحب الموافقات وسماحة الشيخ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور صاحب مقاصد الشريعة وأصول النظام الاجتماعي في الإسلام والزعيم المغربي علال الفاسي صاحب مقاصد الشريعة ومكارمها انتهاء بفضيلة الشيخ عبد الله بن في عديد مؤلفاته ومنها مشاهد من المقاصد وغيرها من المؤلفات والتي منها كلماته التأطيرية لدورات مؤتمرات منتدى أبوظبي للسلم والمؤتمر الإفريقي للسلم وهي بحق خرائط طريق لا غنى عنها للعاملين في مجال نشر السلم والأمن.

من الطبيعي اذن ان تحظى دورات انعقاد المؤتمر الأفريقي لتعزيز السلم بالاهتمام الرسمي والأهلي وأن يكون افتتاحه من قبل رئيس الدولة شخصيا وتتابع اعماله من بدايتها الى نهايتها بهذا الاهتمام كل الأجهزة الحكومية.

حضور كبير

فـ موريتانيا أصبحت باحتضانها الدورات السنوية لمؤتمر تعزيز السلم محط الأنظار إقليميا ودوليا يحضرها رؤساء الدول الذين تسند إليهم جوائز السلم ويقصدها وزراء الشؤون الدينية ورؤساء الهيئات الدينية والمفتون مثلما يقصدها العلماء والشيوخ من مختلف البلدان الافريقية في وفود كبيرة وتحضرها وسائل الإعلام المرئية والمسموعة بمختلف لغاتها ومن مختلف البلدان.

وتحرص الهيئة المشرفة على تنظيم المؤتمر ممثلة في سعادة السفير المحفوظ بن بية الأمين العام لمنتدى أبوظبي للسلم على استضافة رؤساء المنظمات الإقليمية والدولية العاملة في مجال السلم والمصالحات كما تنظم الأمانة العامة للمؤتمر قمة افريقية المرأة والشباب ايمانا منها بالدور الذي لهاتين الفئتين من دور فعال في إرساء السلم ونشره بين أفراد المجتمع.

بعد الجلستين الأولى والثانية والتي تناول فيهما الكلمة كل من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني والشيخ عبد الله بن بية اللذان وضعا المؤتمر في اطاره وما ينتظر من مساهمة في تعميق النظر في مسألة السلم وأهميته في إرساء الأمن في المجتمعات الافريقية والدور الذي ينبغي أن يقوم به القادة الدينيون إرساء لثقافة الحوار والتسامح والإصلاح و اقتراح الصالح بين الفئات المتصارعة و المتنازعة في القارة الافريقية وهو نفس ما تطرق اليه في كلماتهم رؤساء الهيئات والمنظمات العاملة في هذا المجال.

الصلح كمقصد شرعي

اثر ذلك انطلقت الجلسات العلمية الواحدة تلو الأخرى أعطيت فيها الكلمة للمشاركين ببحوث في جدول أعمال الملتقى الخامس لتعزيز السلم وكان الحوار والصلح ابرز محاور هذا اللقاء وتمثلت المشاركة التونسية في بحث أعده فضيلة الشيخ هشام بن محمود مفتي الجمهورية عن الحوار في الثقافة والدعوة الإسلامية بينما كان موضوع البحث الذي توليت تقديمه عن (الصلح كمقصد شرعي) اصلت فيه قضية الصلح في الكتاب والسنة وفي المعقول وأنها من مقاصد الشريعة التي بنيت على درء المفاسد وجلب المصالح مستعرضا كيف بحثها وأصلها الشاطبي وابن عبد السلام وابن عاشور وابن بية الذي ما انفك ينير السبيل للعاملين في مجال ترسيخ السلام بين المسلمين وبين المسلمين وغيرهم.

ثمار هذا المؤتمر

وتضمنت جلسات المؤتمر تدخلات أثرت جلسات المؤتمر لتونسيين ومن بقية البلدان الافريقية والاروبية، وتنوعت كلمات الوفود الإفريقية التي أجمعت على أهمية المؤتمر والحاجة الماسة اليه في هذه المرحلة التي تمر بها القارة الافريقية وتثمين انعقاد المؤتمر في موريتانيا و مباركة الجهود التي ما انفك يبذلها فضيلة العلامة الشيخ عبد الله بن بية املين ان تجني ثمرة هذا المؤتمر في دورته هذه والدورات كل بلدان افريقيا وان يعم السلم والأمن كل ربوع افريقيا.

وقد اختتم المؤتمر بكلمتي الشيخ ابن بية ووزير الشؤون الإسلامية وتلاوة البيان الختامي من طرف وزير الأوقاف المصري السابق.

وعلى هامش المؤتمر أجرت عديد القنوات التلفزية والإذاعات أحاديث وحوارات مع المشاركين والضيوف وانتظاراتهم في مجال ترسيخ السلم في إفريقيا و إحياء ثقافة المصالحات بين مختلف الفرقاء المتنازعين في أرجاء أفريقيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى