صاحب رواية صهيل الذاكرة..وحديث الروح: حدثني الروائي التونسي فوزي النالوتي فقال…

حاوره: محمد المحسن
ليس بأمر هيّن أن تجعل نفسك عُرضةً للنقد عن شيء تكتبه. فالأمر لا يخلو من القلق والتخوف من الرفض،وحوارات بداخلك وتساؤلات،مثل: هل روايتي جاهزة للنشر؟ هل هي جيدة بما يكفي؟ كيف لي أن أكون مؤلفا…فأنا ما زلت في بداية درب الإبداع المحفوف بالمخاوف؟! أتمنى أن ترقى كتاباتي إلى مستوى الذائقة الفنية للمتلقي..!
إنه لأمر مثير أن أجلس الآن لأسترجع الأحداث، وأقول لو أنني لم أؤمن بذاتي،ولم آخذ فرصتي،لما تحقق أيٌ من ذلك..
الإيمان بالموهبة
والآن أستطيع أن أقول: إذا كنت شغوفًا بالكتابة،ولديك شيء ما تريد قوله،أو قصة من إبداعك تريد إذاعتها على الملأ،فعليك الإيمان بموهبتك،والثقة بقدراتك.فربما يتحقق حُلمك بأن تكون مؤلفًا بصورة أسرع مما تتخيل.أقولها عن يقين لأنني فعلتها..!
ولكن السؤال الذي يراودني في يقظتي ومنامي :
أنكتبُ لأنفسنا أم للآخرين؟ أندافعُ بكتاباتنا عن بؤسِ العالم وبؤس الوطن أم أنَّ الأمر برمته لا يعدو كونه تسريبات لمعركة النفس الداخلية؟ ترى أيستحقُ العالم من الأساس أن يُفني أحدهم العمر من أجل الكتابة عنه وعن بؤسه اللامتناهي؟ أيستحق العالم كتابات ماركيز وبن نبي ودستوفيسكي وبيجوفيتش وكامو وكونديرا وغيرهم؟
لماذا نكتب؟
اقرأ العالم يوماً صفحة واحدة مما كتبوه بعقل الواعي المتدبر الباحث عن الحقيقة وعن التغيير؟ ولماذا نكتب من الأساس إذا كان وقع الواقع ووطأته أكبر من حجم كلماتنا؟ وما وسعُ اللغة أن تفعله أمام سيلٍ من تدفقات الحياة اليومية التي لا تنتهي إلا بنهايتنا؟
تبدو هذه الأسئلة سرمدية للوهلة الأولى،ولا إجابات لها،على الأقل في أفقنا الفلسفي والمعرفي حالياً،وأن ما يقدم بشأنها من إجابات لا يتخطى الرؤى الشخصية التي تعبر عن تجارب شعورية ذاتية مع الكتابة.لكن وبنظرة متفحصة لهذه الأسئلة،فإننا نجدها لا تخرج عن سؤال واحد،مكون من كلمتين: لماذا نكتب؟ وما يأتي من سطور لا يعدو كونه محاولة متواضعة لتقديم رؤية شخصية لسؤال: لماذا نكتب؟ رغم اعترافي الصادق بصعوبة هذه المهمة، وربما استحالتها.
يكتبُ البعض عند حصار الألم والتياع الذكري وتشتت الحال وضياع الأمر،اكن على هؤلاء أن يعلموا أن ما يكتبوه ما هو إلا نبش في قبور يودون بكتابتهم أن يغلقوها،قبور الألم والفقد واللوعة والحنين والفراق والذكريات وما جادت به قواميس العرب من مترادفات الوجع. يبحث البعض الآخر بالكتابة عن الهدى،إلا أن الكتابة لا تزيدهم إلا تيها على تيههم.فمن من القوم قد بحث يوماً في الكتابة عن الراحة ووجدها؟! يكتب آخرون لأن الواقع لا يحتمل التعايش،فيلوذون بخيالهم عن واقعهم.
تشتت الحال
يكتبُ البعض عند حصار الألم والتياع الذكري وتشتت الحال وضياع الأمر، لكن على هؤلاء أن يعلموا أن ما يكتبوه ما هو إلا نبش في قبور يودون بكتابتهم أن يغلقوها، قبور الألم والفقد واللوعة والحنين والفراق والذكريات وما جادت به قواميس العرب من مترادفات الوجع.يبحث البعض الآخر بالكتابة عن الهدى،إلا أن الكتابة لا تزيدهم إلا تيها على تيههم.فمن من القوم قد بحث يوماً في الكتابة عن الراحة ووجدها؟! يكتب آخرون لأن الواقع لا يحتمل التعايش، فيلوذون بخيالهم عن واقعهم.
يعتقدُ البعض أن الأصل في هذا الوجود هو البهجة والسعادة،وأن مشاعر الألم والمعاناة والبؤس هي مشاعر دخيلة علي وجود الإنسان،وأنها لا تعدو أن تكون تعكيراً للصفو لا يلبث أن ينتهي..
ما الدافع؟
“هذا التصور للكتابة باعتبارها مخلصة للإنسان،أو فلنقل صديق الإنسان الوفي الذي يواسيه كلما المَّ به ضيقٌ أو حزنٌ،هي ما يدفعهم للكتابة في كل تمثلٍ للألم والمعاناة.والكتابة كانت وستظلُ مواساة الإنسان الكبرى في هذا العالم،ومخلصته من عذابات اغترابه عن عالمه وعن وجوده.فهي ميكانزماه الدفاعية أمام إحساسه الأبدي بالتيه في هذا الكون مذ لفظته أمه على هذه البسيطة.لذا فوحدهم من يعتقدون في أن فعل الكتابة لا يعدو مجرد كونه فعلاً للمواساة،وحدهم هم من يتعاطون بشغف مع الفيلسوف الألماني شوبنهاور حين يردد: “الإبداع وليد المعاناة،ولا إبداع بدون معاناة”.
وأنا..أعيش معاناتي ب” لذة مذهلة”..يغذيها مداد الروح.. و”يطربها”صهيل الذكريات..”