زينب بن عثمان: أبي حسن بن عثمان أتنفسه …لا أحتفل به …

كتبت: زينب بن عثمان
ثمة رجال لا يُولدون فقط، بل يُبعثون إلى هذا العالم بعناد الضوء…
لا يشبهون الزمن ولا يعترفون بالقوالب،
يمشون عكس التيار دون أن يحدثوا ضجيجًا،
ويتركون في أرواحنا أثرًا لا يُمحى،
كأنهم مرآة سابقة لوجودنا، وكأننا حين نكتشفهم، نبدأ باكتشاف أنفسنا.
حسن بن عثمان… ليس أبًا فحسب،
بل كان سؤالًا عميقًا في معنى الرجولة،
وكان الجواب الأعمق في معنى الحريّة.
لم يُلقّنني الحياة، بل جعلني أشتاق إلى خوضها…
بجراحها، بوحدتها، بجمالها الوحشي.
كلما تعبت، شعرت بيده غير المرئية ترفعني.
كلما ضعت، وجدت صمته يشير لي إلى الطريق،
هو الحارس الذي لا يحتاج إلى درع،
لأن حضوره نفسه أمان،
هو العزيمة تتكلم ولا تنهزم.
استلهمتُ منه فكرة أن تكون مناصرا لنفسك،
أن تكون ندًّا للحياة، لا تابعًا لها،
أن تكون حقيقيًّا حتى وإن كلفك ذلك كل شيء.
هو صديقي حين خانتني الأيام،
رفيقي حين طالت الطريق،
هو الحلم الذي لم أطلبه، لكنه ظل يرافقني…
في صمتي، في عنادي، في يقظتي وفي غفلتي.
هو لا يُختصر بكلمة “أب”،
إنه ذاكرة روحي، ومرايا قلقي، وطمأنينة شكوكي.
وإن كنتُ شيئًا يُشبه النهوض كلما سقط،
فذلك لأنه كان، ومازال، هنا…
بهيًّا، في مكانٍ ما…. حولي
في عيد الآباء، لا أحتفل بك…
بل أتنفّسك.