صدى المحاكم

بتهمة تهريب مواد غذائية… تونسيون بأحكام ثقيلة في السجون الجزائرية..’الصريح’ تحقق وتكشف المستور…

متابعة لإيقاف عدد من المواطنين التونسيين على الحدود مع الجزائر، وسجنهم وإحالتهم إلى المحاكمة بتهمة تهريب مواد غذائية، وقد صدرت في شأن عدد منهم أحكام ثقيلة بعشرات السنين تبعا للقانون الجزائري الجديد المتعلق بالمضاربة في المواد الغذائية…
الصريح أون لاين تابعت هذا الملف الشائك، فكان هذا التحقيق الميداني على عين المكان…

بدأت القضية حين أوقفت السلطات الأمنية الجزائرية المواطن التونسي أصيل تالة من ولاية القصرين عمار الرتيبي ـ متزوج ورب عائلة ـ بمدينة تبسة الجزائرية، حين كان على متن سيارته الخاصة حاملا بعض المواد الغذائية وكان بصدد العودة الى مدينة تالة…

عمار يقبع الآن بأحد السجون الجزائرية بعد أن حكمت عليه المحكمة بالسجن عشرات السنين، ويحملنا هذا الموضوع الى نفس الحادثة التي جدت حين تم إيقاف حافلة سياحية على متنها عدد من المسافرين التونسيين وعددهم سبعة وتم ايقافهم وسجنهم ومصادرة السلع والبضائع التي بحوزتهم  بمدينة تبسّة من  القطر الجزائري الشقيق كانوا بصدد العودة إلى تونس …

رؤية قانونية للملف..

وقد اتصلت ‘الصريح’ بالسيد توفيق حافظي باحث في القانون الجزائي الجزائري الذي قدم  لنا بعض المعطيات حول هذه القضية، حيث أفادنا الجميع يعرف ما يبذله الفرد  من جهد في سبيل توفير لقمة العيش لأبنائه لا يمكن أن يكون مهرّبا أو مضاربا أو أن يكون قد قام بأعمال تدخل ضمن أعمال المضاربة غير المشروعة الذي تحدّدها المادة الثانية من الفصل الأول من القانون رقم 21-15 المؤرّخ في 28 ديسمبر 2021 و الذي يتعلّق بمكافحة المضاربة غير المشروعة حسب ما تنصّ عليه القوانين و الأوامر و المراسيم الجزائرية…    

وقد أحيل هؤلاء ـ تعسفا ـ بمقتضى هذا القانون ونسبت لهم جريمة المضاربة غير المشروعة والتي اعتبرها حافظي فاقدة لجميع أركانها حيث حصر المشرع الجزائري الركن المادي لجريمة المضاربة غير المشروعة في خمس حالات تتراوح بين ترويج الأخبار الزائفة لأحداث اضطراب في السوق أو عدم احترام هوامش الربح المحدّدة قانونا أو تقديم عروض بأسعار مرتفعة لا تتوافق مع الأسعار المحددة قانونا أو الحصول على أرباح غير مشروعة أو القيام بأعمال تهدف إلى المس من قيمة الأوراق المالية…

غياب أركان الجريمة

هذه المكونات للركن المادي لجريمة المضاربة غير المشروعة كما يحددها القانون المنظّم لها هي غير متوفرة في الأعمال التي قام بها هؤلاء، عندما اشتروا بعض المواد الغذائية وإن تجاوزت الحد المقبول وتم نقلها في سياراتهم التي سيتم تفتيشها في بوابة رأس العيون من قبل الديوانتين الجزائرية والتّونسية الذي دخل منهما هؤلاء بشكل قانوني …وبالتّالي يسقط الركن المادي من هذه الجريمة المنسوبة إليهم…            
أما فيما يتعلّق بالرّكن المعنوي لهذه الجريمة فإن المشرع الجزائري يشترط وجود نيّة المضاربة لإحداث الندرة، حيث يقول في المادة الثّانية من الفصل الأول من هذا القانون وهو يعرّف المضاربة غير المشروعة : ” المضاربة غير المشروعة هي كلّ تخزين أو إخفاء للسلع و البضائع بهدف إحداث ندرة في السّوق …” و هو أمر لا يتناسب مطلقا مع أهداف هؤلاء من اقتنائهم للمواد الغذائية التي كان يحملونها، ففي أقصى الحالات أنّه قد يكون  ينوون القيام بأعمال تجارية مثلهم مثل المئات من التونسيين الذين يبيعون المواد الغذائية الجزائرية على قارعة الطريق في المدن الحدودية …
وبالتّالي فلا وجود فيما قاموا به  من نيّة في إحداث الندرة في السّلع  والبضائع الجزائرية باعتبار أنه ليس من المقيمين في الجزائر و ليست له أي منافع  لا سياسية و لا مادية ربحية …

لا وجود لنيّة المضاربة

وعليه فإن غياب نيّة المضاربة كما حددها المشرع الجزائري  تسقط الركن المعنوي للجريمة و بالتالي لا يمكن تكييف الأعمال التي قام بها هؤلاء كأعمال تدخل ضمن قانون مكافحة المضاربة غير المشروع، وإنما على المحامي المكلف بالقضية أن يطعن في قرار قاضي التحقيق لدى الدوائر الاستئنافية من أجل إسقاط هذه الإحالة و المطالبة بالإفراج الفوري عن المتهمين لغياب موجبات الإيقاف ومحاكمتهم  وفق القانون الجزائي الجزائري لا وفق قانون المضاربة غير الشرعية الذي يسلط عقوبات قاسية على مرتكبي الجرائم المذكورة في هذا القانون والتي تتراوح بين 3 سنوات إلى المؤبد حسب نوعية الأعمال المادية للجريمة.

متابعة: لطفي التليلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى