الطاهر بالرجب يكشف أسرار مشاريع تونس المهدورة: من ‘ديزني لاند’ بغار الملح إلى الميناء العملاق…

بالحضور المكثف والنوعي لوجوه من أبناء بنزرت و التي لها بصمتها سواء في الحياة السياسية على غرار الولاة السابقين السادة محمد اللواتي و منصف بن غربية أو رؤساء البلديات منهم محمد الهادي الطبربي وكمال بالكاهية ومنصف بن غربية و محمد الصفاقسي، رئيس دائرة بنزرت المدينة…
وأيضا من الوجوه الديبلوماسية و البرلمانية نذكر عم علي بن سالم وعمر البجاوي و شكيب الذوادي ورجال الاقتصاد على غرار محمد علي بلقايد حسين وجلال الدين الكوكي و جلال علمية والهادي اللزام و لطفي الحريبي و محمد رضا مقداد و محمد فضيل إلى جانب رجال الفكر و الثقافة و الرياضة و الإعلام، على غرار محمد الهمامي و صالح زعيتر و عثمان الملولي و العميد محجوب السميراني، و شوقي الدرويش و الهادي الطياشي و حسين الشباب و جلول الجميلي و يوسف العبيدي وقرينته و حنان الذوادي و الأمين الشابي و زهور بوشان و بسمة المرساني والطفلة العازفة و القادمة على مهل رحمة المرساني و غيرهم كثير….
وأمام كل هذا الحضور المتعدد المشارب حلّ بالمقهى الثقافي بسيدي سالم والي بنزرت الأسبق الطاهر بالرجب مصحوبا بقرينته الأستاذة بمعهد الصحافة و علوم الأخبار ليلقي محاضرة قيمة بعنوان المشاريع المشهورة ببنزرت و الفرص المهدورة و ليليها حوار ثرّي من الحضور، و ذلك بهندسة من منتدى الثقافة و الإعلام ببنزرت، الذي يرأسه شيخ الإعلاميين رشيد البكاي، و ذلك صبيحة يوم السبت الموافق لـ 11 فيفري 2023.
حوار لكشف الأسرار:
ـ ثلاثة مشاريع أهدرتها الصراعات السياسية و الروتين الإداري:
بعد صمت تجاوز 40 سنة، تحدث والي بنزرت الأسبق الطاهر بالرجب كما لم يتحدث من قبل ليكشف العديد من الأسرار حول ثلاثة مشاريع كبرى مشهورة ببنزرت و فرص مهدورة في فترة اشرافه على ولاية بنزرت ( 1980 / 1981 )، ليلاحظ في بداية مداخلته و أنّه أمام ما رسمه من أهداف منذ توليه على ولاية بنزرت كان من بينها هدفين أساسين هما التنمية و التشغيل، ملاحظا و أنه في تلك الفترة كان السلط تعوّل، قصد امتصاص البطالة، خاصة على المؤسسات الصناعية على غرار ” الفولاذ ” بمنزل بورقيبة و لكن كان ذلك غير كاف بل و يرهق هذه المؤسسات و عليه توجهت نحو الاعتماد على الموارد الذاتية، و تمّ تحويل مبلغا بقيمة 100 ألف دينار – بعد موافقة وزارة المالية – من أجل احداث مناطق صناعية لجلب الاستثمار الخارجي وبالتالي خلق الثروة و فرص التشغيل و بالتالي التنمية بمفهومها العام.
وكان في ذهني 3 مشاريع هامة وكبرى قد تقلب كل المعطيات لا ببنزرت فقط و لكن أيضا على المستوى الوطني و هذه المشاريع تتمثل في احداث مشروع ” ديزني لاند ” و ” ميناء الحاويات ” و مشروع “هونغ كونغ “
*مشروع ” ديزني لاند ” بغار الملح
المشروع الأوّل ” ديزني لاند ” يقول الوالي المحاضر، كنا نخطط لإحداثه بجهة غار الملح بحكم ما تكتنزه الجهة من مؤهلات و عناصر طبيعية لبعث مثل هذا المشروع و هو عبارة على قطب سياحي رائد يتضمن على كل المرافق السياحية.
وكخطوة أولى تمّ تنظيم زيارة لصحفيين من أنحاء العالم لاطلاعهم على الجهة التي يتوفر فيها كل أسباب النجاح لبعث مثل هذا المشروع، و باعتبار التكلفة العالية لهذا المشروع الكبير ( حوالي 200 مليون دولار ) لا بدّ من مشاركين آخرين في تمويله إلى جانب تونس. و لتحقيق ذلك تمت دعوة الشيخ صالح كامل من السعودية والذي وافق على المشاركة في تمويل هذا المشروع الضخم ـ الذي من بين مكوناته متحف و مقرات تجارية و نزل و حي سكني و مطار- إلى جانب عدّة جهات أوروبية ( على غرار فرنسا و أمريكا و إيطاليا ) و التي عبّرت هي الأخرى على رغبتها في المساهمة فيه مع الملاحظة و دائما حسب المحاضر و أنّ نوعية هذا المشروع لا توجد إلاّ في الولايات المتحدة الأمريكية.
ولكن الصراعات و الخلافات السياسية التي كانت بين وسيلة بورقيبة و فتحية المزالي حالت دون هذه المشروع و يضيف المحاضر و أنّه في نظر قصر قرطاج أصبحت معارضا لوسيلة بورقيبة ليتم بعد ذلك ارسال وزير السياحة وقتها عزوز الأصرم إلى بنزرت و ليخاطب الزعيم الحبيب بورقيبة حول هذا المشروع بأنّ جهة المنستير أولى بذلك باعتبار عدم وجود بنية كافية لبعث هذا المشروع بغار الملح فضلا رفض مجلس بلدية غار الملح لمثل هكذا مشروع لأسباب أخلاقية و دينية فضلا رغم تأكيد الراحل الشيخ صالح كامل على أن هذا المشروع السياحي لا يحتوي على التفسخ و القمار و الخمرة و غيرها و هكذا خسرت بنزرت و لأسباب سياسية بل و لصراعات شخصية بحتة مثل هذا المشروع الضخم…
مشروع ميناء الحاويات
مشروع ميناء الحاويات (Porteur de conteneurs ) يتمثّل في احداث محطة بحرية دولية لإيصال البضاعة التي تؤمن عبر البحر من مختلف الدول لتمرّ عبر محطة استراحة و مرور إلى الدول المختلفة الموجهة إليها تلك البضاعة و أكدت الدراسات و المعطيات حينها و أنّ تونس و تحديدا منطقة الرأس الأبيض بجهة بنزرت هي الجهة المؤهلة لإحداث هذه المحطة البحرية باعتبار موقع تونس المميّز و هو الذي سيسمح من مرور حوالي 100 حاملة للحاويات يوميا وما يحدثه ذلك من احداث آلاف مواطن الشغل فضلا عن المداخيل الهامة من العملة الأجنبية..
ولكن، يضيف المحاضر، تعطّل هذا المشروع حتّى تتمّ دراسة تأثير هذا المشروع على البيئة (Etude d’impact sur l’environnement ) و إلى يومنا هذا لم تتم هذه الدّراسة التي حرمت بنزرت للمرة الثانية – بعد مشروع ” ديزني لاند ” – من أهم المشاريع التي كانت ستساهم في تنمية الجهة و جعلها قطب اقتصادي حتى لا نقول العاصمة الاقتصادية لتونس.
مشروع ” هونغ كونغ ” (Hong Kong )
هذا المشروع استضافته الصين الشعبية في اطار عقد لمدة 100 سنة من 1899 إلى 1999، و باعتبار و أنّ الصين لا ترغب في تجديد هذا العقد تمّ البحث على دولة أخرى لاحتضان هذا المشروع و الذي أفضى إلى اختيار تونس باعتبار موقعها الجغرافي و قربها من أوروبا فضلا عن كونها تتوسط تقريبا العالم و لكن فاعلي ” الخير ” هم كُثر ببلادنا على أساس و أنّ بعث مثل هذا المشروع الكبير من الصين إلى تونس- و الذي يمكّن من توفير ما يزيد عن 500 موطن شغل في فرعه فقط المتخصص في صنع فرامل ABS للسيارات خاصة و أو الوزير الأول وقتها محمد المزالي موافق تماما على بعث هذا المشروع ببلادنا – قد تمّ اهداره بتعلّة و أنّ مثل هذا المشروع سيجلب إلى تونس العديد من المخاطر على غرار انتشار المخدرات اتجارا و استهلاكا ..
نقــــــــــــــــاش بنّـــــــــــاء
رغم غزارة المتدخلين حول هذه الأسرار التي أتت في اللقاء الحواري مع الوالي الأسبق الطاهر بالرجب فإننا سنحوصلها في عدّة نقاط كالآتي :
*ذكّر البعض بالمهزلة التي حدثت حول مشروع المياه العميقة التي تمّ تحويل وجهته من بنزرت إلى النفيضة، وكان وراء ذلك أحد الوزراء السابقين و من المؤسف و أنّ الجهتين حرمتا من هكذا مشروع و ما بالأمس من قدم، و هل هناك إمكانية لإعادة الروح لمثل هذه المشاريع المهدورة و ذلك عبر احداث لوبي مكونة من المجتمع المدني و الجهات المسؤولة للدفاع عن استحقاقات الجهة و التمسك بمثل هذه المشاريع عبر اعداد ملفات مقنعة في الغرض و سيكون هذا الفضاء الحواري منطلقا لكل هذه الأفكار و الاقتراحات و ما هو مآل مشروع تحلية المياه الجنوب عبر الطاقات المتجددة و ذلك بالتعاون مع الصين الشعبية.
*في السباق كان المسؤول يحظى بالثقة الكاملة من طرف السلطة التي تعيّنه، على عكس اليوم تتم تسمية المسؤول ثمّ يتحين له هفواته للتنكيل به.
*الصراعات السياسية التي كانت وقتها وراء اهدار بعض المشاريع الكبرى لا تحجب عن العيون أيضا الدور السلبي الذي لعبته الجهات الإسلامية ، من وراء الستار، خاصة تلك الرسائل التي تمّ ارسالها للتفويت على تونس مثل هذه المشاريع، مع التذكير بالدور الإيجابي كذلك الذي لعبه الوزير الأول الأسبق حامد القروي لإنجاز مشروع المنطقة الحرّة ببنزرت. إلى جانب اثارة موضوع إعتراض بعض المؤسسات الرسمية في الدولة آنذاك، مما حال دون بعث بعض المشاريع في بعض المناطق المحددة…
على كل مترشح لرئاسة البلاد شروط خاصة جدا
و ربما أجمل ما نختم به هذه المواكبة، الملاحظة التي قدمها أحد المتدخلين، آخذا بعين الاعتبار دور السيدة الأولى في اهدار مثل هذه المشاريع الكبرى، – و هي على سبيل الهزل طبعا – و مفادها، أن لا نختار من المترشحين لرئاسة البلاد إلاّ من كان غير متزوج أو أرمل أو مطلق أو حتّى مثلي، حتى نحول دول أن تلعب السيدة الأولى مثل هذه الأدوار القذرة…
مواكبة: الأمين الشابي
عدسة: حنـــان الذوادي