الصريح أونلاين في ‘رحبة’ العيد: الأسعار من نار..والمواطن محتار!

أيام قليلة تفصلنا عن موعد عيد الأضحى المبارك ومعه بدأت رحلة البحث عن “العلوش” الذي سيسعد به رب العائلة أفراد أسرته وخاصة الصغار منهم..
لكن السؤال المطروح هل يستطيع المستهلك توفير ثمن الأضحية الذي ارتفع بصفة جنونية؟
معادلة جدّ صعبة!
معادلة صعبة سيجد المستهلك نفسه أمامها إسعاد أفراد عائلته من جهة وعدم الإضرار بميزانية الأسرة من جهة أخرى، المنتج من جانبه لا يمكنه بأي حال من الأحوال التخلي عن هامش الربح ولو كان زهيدا ولا تهمه بالدرجة الأولى قدرة المستهلك على مجاراة الارتفاع الجنوني لأسعار الخرفان لأنه هو نفسه يرى بأنه متضرر من أسعار المواد العلفية.
وبين هذا وذاك يبقى “العلوش”في انتظار مصيره فإما أن يجازف المستهلك ويشتريه رغم ثمنه المرتفع وإما أن يعود إلى الزريبة وهو سيناريو لا يفضله المستهلك ولا المنتج.
مفاوضات عسيرة
-الصريح أونلاين-حاولت أن تقترب من الطرفين وتكشف الستار عن هذه المعادلة الصعبة وتستمع إلى وجهة نظر كل منهما.في البداية كانت وجهتنا إحدى نقاط البيع المنظمة (وادي القمح-تطاوين) حيث رصدنا تواجد جميع الشرائح العمرية والفئات الاجتماعية.
وجلب انتباهنا حال وصولنا إلى المكان تجمع عدد من الأشخاص حول أحد الباعة خلناها في البداية مشادة بين شخصين لكن مع اقترابنا وقفنا على حوار أقرب منه إلى مفاوضات عسيرة…
فكل هذه الجلبة لا تعدو أن تكون إلا اختلافا في وجهات النظر بخصوص سعر أحد الخرفان حيث اختلف البائع والشاري على مبلغ 10 دنانير وهو ما حدا ببعض الحاضرين إلى التدخل بالحسنى والتوسط ليتم في الأخير تقاسم المبلغ فاستقر ثمن الخروف على 1050 دينارا، وسألنا البائع (محمد-ع) عن سبب تمسكه بذلك المبلغ الزهيد فأجابنا بحماس: « صحيح أن أسعار الخرفان ارتفعت والمستهلك من حقه أن يتذمر لكن الفلاح أيضا يعيش عديد الصعوبات فـ الكيس الواحد من العلف باهظ الثمن كما أننا خسرنا عددا كبيرا من رؤوس الأغنام في فصل الشتاء الفارط، هذا بالإضافة إلى انعدام المساندة من الجهات المسؤولة”.
وقاطع الشاري (مصطفى-ل) البائع بالقول”لولا السنّة الحميدة التي نحاول دوما الحفاظ عليها فإنني لم أكن أقبل مطلقا بشراء خروف بهذا الحجم الذي لا يتجاوز ثمنه في الأصل 900 دينار لكن ما باليد حيلة فأنا أفضل أن أقترض ثمن الأضحية على أن أخيب ظن ابني”.
وأضاف أن التاجر يقدم التبريرات إلا أن الحقيقة تقول إن هامش الربح يبقى دوما مرتفعا مقارنة بالمصاريف.
في مكان ليس ببعيد عن نقطة البيع اعترضنا شخصان يقودان قطيعا من الماشية بين خرفان وماعز ويحاولان جلب اهتمام المارة والباحثين عن أضاحي العيد بعيدا عن أعين المراقبة الاقتصادية للتهرّب من سداد معلوم البيع، توجهنا إلى أحدهما بالسؤال عن مصدر هذا القطيع فأجابنا بكونه قدم من إحدى المناطق التابعة لجهة تطاوين وهو متعود على ذلك منذ سنوات.
استغراب من الأسعار
وقد لاحظنا إقبالا كبيرا على معرفة أسعار الخرفان، فهناك من قرر شراء الخروف كلفه ذلك ما كلفه تجنبا لكل مفاجآت مع اقتراب موعد العيد على غرار ناصر-غ الذي عبّر لنا عن استغرابه للارتفاع المشط في أسعار الخرفان وجهله بالأسباب الحقيقية الكامنة وراء ذلك،البقية لمحناهم يجولون بأبصارهم بين رؤوس الخرفان إما لرصد إحداها أو لمعرفة الأسعار المتداولة من باب الفضول لا أكثر. وحمل محمد-ش مسؤولية ارتفاع الأسعار إلى الحكومة التي لم تجد حسب قوله الحلول الكفيلة لتعديل السوق..!
هذا الرأي شاطره فيه عمر-ق الذي دعا بدوره الجهات المسؤولة إلى تحديد الأسعار القصوى للأعلاف ومشتقاتها “لكي لا يشتكي المستهلك ولا يجوع الفلاح”..على حد تعبيره..
هل من حلول؟
الحلول الّتي اقترحها أغلب المستجوبين لتجاوز ازمة غلاء أسعار الخروف كانت تصبّ في اتجاه واحد وهو عودة الوحدات الانتاجية للعب دورها الّذي من أجله بُعثت وهو توفير الخرفان لتزويد الأسواق باللّحوم، وكذلك التصدّي لعمليات الاحتكار الّتي يمارسها بعض المزوّدين والتجّار من أجل تحقيق الرّبح السّريع كما أن تدخّل الدّولة أصبح أكثر من ملحّ ليحظى موضوع توفير العلف بدعم أكبر حتّى لا يتضرّر الفلاّحون الصّغار اضافة الى منع تهريب القطيع نحو أقطار مجاورة .
متابعة: محمد المحسن