الصريح الثقافي

الاحتفاء بالشاعر البشير المشرقي وإصداره الشعري في معرض الكتاب ببنزرت

كتب: شمس الدين العوني

في مجلس أدبي ممتاز ضمن فعاليات الدورة (20) لمعرض الكتاب بمدينة بنزرت الجميلة و بحضور جمع من المبدعين و الكتاب و أحباء الكتاب و الشعر تم مساء الجمعة 19 من شهر جانفي الجاري الاحتفاء بالشاعر البشير المشرقي ابن الجهة و ذلك من خلال تكريمه و الاهتمام باصداره الشعري ” فسيفساء الظل و الألوان ” الصادر عن دار خريف للنشر و التوزيع…

حيث شهد المركب الثقافي الشيخ ادريس مكان انتظام الدورة العشرين لمعرض الكتاب بادارة الأستاذ البشير القمود و قد احتفت الفعالية بفلسطين الرمز و المقاومة و النصر لتتعدد الأنشطة بين الفنون و الابداعات و تقديم الكتب في اشراف للمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية و بتعاون و تنسيق بين رابطة الكتاب الأحرار ببنزرت و ودادية قدماء المعاهد ببنزرت.

لقاء احتفائي

اللقاء الاحتفائي بالشاعر المشرقي و كتابه الشعري تم بحضور مميز لنخبة نيرة من الأدباءمنهم الناقد و الاعلامي المميز منصور الغرسلي و الكاتبة و الروائية حفيظة قاره بيبان و الأديب رشيد الذوادي..و الكاتبة منية قاره بيبان رئيسة فرع رابطة الكتاب الأحرار ببنزرت التي كرمت في ختام اللقاء الشاعر البشير المشرقي و الذي عبر متحدثا عن شكره و امتنانه للقائمين على هذا المجلس الاحتفائي و التكريمي له..و في مستهل المجلس شكر البشير قمودي مدير المعرض و المركب الثقافي الحصور مشيرا الى أهمية اللقاءات المتصلة بالعروض و الفنون و تقديم الكتب و الاصدارات مثنيا على جهود التعاون مع بقية الأطراف المساهمة بالنشاط و الحضور و الشراكة متحدثا عن أهمية التجربة الشعرية للضيف المحتفى به الشاعر المميز البشير المشرقي.

مداخلات

و تم تقديم مداخلتين عن التجربة و الاصدار الجديد للشاعر من قبل الناقد و الاعلامي منصور غرسلي و الشاعر العوني لتدير اللقاء الأديبة حفيظة قاره بيبان التي قدمت الضيوف و أطرت اللقاء و النقاش الذي تبعه ..و مما جاء في مداخلة الناقد المميز و الاعلامي الأستاذ منصور غرسلي و عنوانها (الإصدار الجديد للبشير المشرقي ” فسيفساء الظل والألوان” .. ذوب الذات في لهيب الذكريات ) نذكر ما يلي “… أصدر الشاعر الكبير الأستاذ بشير المشرقي في الآونة الأخيرة ، وعن دار “خريف للنشر” مجموعة شعرية جديدة بعنوان “فسيفساء الظل والألوان” ، وهو ديوان من الحجم المتوسط ، ويشتمل على 224 صفحة ، وهي المجموعة الشعرية الثانية عشرة لهذا الشاعر الفذ ، إذ سبق له أن نشر المجموعات التالية : “في البحث عن مقر ” في 1978 ، “نوافير .. وتشدو” في 1979 ، “همسات الى الزمن الهارب” في 1981 ، ” أحبتي. . والليل . . والوطن ” في 1984 ، و” على نقر المطر . . والذكريات ” في 1994 ، و”توقعات الربيع الخامس ” في 1995 ، و”السندباد والقمر الوحيد ” في 1997 و”كتاب الفصول” سنة 2000″ ، و”تحليق خارج حدود الحلم ” ، ثم “أقمار في ليالي الحنين في 2022 ، إضافة إلى مجموعة شعرية بالاشتراك بعنوان “الرياح اللواقح. وتشتمل المجموعة الشعرية ” فسيفساء الظل والألوان ” على 188 قصيدة تتوزع بين ومضات شعرية وهي الغالبة على الديوان ؛ إذ يبلغ عددها 153 ومضة ، وقصائد متفاوتة الطول ، يقتصر بعضها على صفحة واحدة ، وتمتد أخرى على ست صفحات على غرار القصيدة التي مطلعها “عقارب الساعة تعدو” .

قراءة في شعر المشرقي

ولم يحد المشرقي في هذه المجموعة عن النهج الذي التزم به في بنية القصيدة منذ بداياته ؛ إذ جرت معظم القصائد على البحور الخليلية ، وخصوصا في الومضات الشعرية والقصائد القصيرة كقوله على البحر البسيط : هل هبة من شذى النسربن تنعشني يا أيها الزمن الحلو الذي رحلا؟ ص 45 في حين جاءت أخرى في الشعر الحر ، كقوله على تفعيلة المتدارك ص 78 : أيها الطير غرد وطر في سمائك يا كروان كلها ليلة .. كلها ومضة ويجف البنفسج والأقحوان . بينما وردت قصائد ، وهي محدودة جدا ، في غير العمودي الحر ، مثل قوله ص 59 : كل يوم أقول سأترك هذي القصيده ! عذبتني القصيدة! واهم بها فأرى فجأة بين كل السطور جداول عينيك جارية وطيوفا تعاتبني قدمت من بلاد بعيده قاعود لها صاغرا وأصالحها بشجون جديدة! ، ومثلما يتجلى للقارئ فإن المشرقي وإن تخلى في هذا الضرب من القصائد عن التفعيلة والأوزان الخليلية فإنه استعاض عن ذلك كله بالايقاع الداخلي لنبض الحروف والكلمات مانحا القصيدة نغما مستساغا تطرب له الأذن وترتاح له النفس. ولعل ما يثير الاهتمام في بناء قصيدة المشرقي هو تنوع البحور في القصيدة الواحدة أحيانا ؛ ففي قصيدة له بالصفحة 21 ورد البيتان الأول والثاني على البحر البسيط ( مستفعلن / فاعلن/ مستفعلن/ فعلن)، وأما بقية الأبيات فهي من الشعر الحر اعتمد فيها الشاعر تفعيلة الكامل . وهو تنوع وظيفي ينسجم مع حالة الشاعر النفسية التي تتردد بين المناجاة والحلم ، ويتواءم مع أسلوب الكتابة ؛ إذ اعتمد في المقطع الأول الأسلوب الإنشائي الذي يتناسب مع المناجاة بما في ذلك من نداء والتماس ، واعتمد في المقطع الثاني الاسلوب الخبري الذي يتلاءم مع الحلم والخيال (…..) ..أحكم البشير المشرقي توظيف الكلمات لتنسجم مع بعضها البعض في تناغم جميل كشف عن شاعرية فذة من جهة ، وقدرة على توظيف البحور الخليلية وتطويع المقاطع والحروف لتوليد النغمة الشعرية التي تحقق الإيقاع الداخلي للقصيدة وتضفي عليها أبعادا جمالية تتلاءم مع أبعادها الدلالية من جهة أخرى. وإجمالا فإن هذه المجموعة الشعرية ، وإن أكدت التزام صاحبها بالنهج الرومنطيقي الذي اتخذه لنفسه منذ البداية ، فإنها حققت إضافة نوعية لمدونة البشير المشرقي الشعرية خاصة والمدونة الشعرية الوطنية والعربية عامة ؛ لما تضمنته من عناصر التجديد التي قد تغري النقاد والأكاديميين والجامعيين بدراستها والتعمق في تحليل روافدها وأبعادها.”.
و جاءت المداخلة الثانية بعنوان ” شعر ينفذ سريعا و عميقا..طوعا و كرها الى الدواخل حيث الروح المتشظية بين الوجيعة و الحلم .. والشجن و الجمال..” و مما جاء فيها “…هذا الكون المكلل بالأسى و بالحلم دفعة واحدة ..فيه للحلم الجميل مكان و فيه للشجن المعتق أمكنة حيث للطير هنا فسحة حرية و تشوف و آمال هو عين رغبات الشاعر البشير المشرقي الذي يحاول و يحاورالعناصر و التفاصيل بأرض الشوق الممتدة و ما فيها من أمنيات جمة و أغنيات مبهجة بعيدا عن قتامة الأشياء و السواد المحزن و اليأس ..

نقاش مفتوح

هذا هو كون الشاعر البشير المشرقي و هو المفصح في نشيده الخافت و في شجن عظيم عنوانه الحلم في شوق هائل و بهجة و انكسار ..و هو كون الأحاسيس المبينة في كل ما تحيل اليه من أريحية للنفس و هي تتمرد على سلبيات الحياة و الكائنات لأجل عالم يمقت الاحباط و اليأس و يعلي من ثورات الوجدان ..الوجدان الشاعري في تعدد نظراته و عواطفه النبيلة تجاه الآخرين ..تجاه العالم.اها رحلة الشاعر و مغناته في دروب الحياة بما يشبه الملحمة ..أو لنقل انها ملحمة الشاعر..الملحمة المشرقية في شؤونها و شجونها حيث الغناء ايقاع القصائد و سلوى الشاعر و بوحه المخفي من قدم في الضلوع..”.
و قد شفعت المداخلتان بنقاش مفتوح حيث تحدث الأديب رشيد الذوادي عن جانب من تجربة المشرقي و ما كتبه عنه من آراء في خصوص شعره فضلا عن الاشارة الى جوانب تاريخية من الشعر و الأدب و مدينة بنزرت كما تحدث الشاعر المكي الهمامي عن جوانب من خصائص شعر البشير المشرقي الجمالية و الابداعية ..مجلس و لقاء ضمن الاحتفاء بالكتب في معرض له خصوصيات و فقرات صارت من تقاليد الفكر و الأدب و الفنون ببنزرت .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى