الأمين الشابي يكتب: رغم ‘تصهيّن’ بعض العربان…أثلجت الصدر إيران

كتب: الأمين الشابي
بعد المئات من المسيرات والصواريخ الإيرانية التّي طالت الكيان الصهيوني ومرّ منها ما مرّ لتصيب أهدافها، انطلقت بالتوازي مسيرات ألسنة المحللين بصواريخها ومسيراتها ومجنحاتها بالنّقد والتشكيك و’التشليك’ والتخوين والإدّعاء…
منصبين أنفسهم على أنّهم يفقهون في كلّ شيء، ويفهمون كلّ الخفايا والزوايا والباطن والظاهر، وحتّى النّوايا لا تخفى على راداراتهم.
انقسام العربان
بل وانقسم بعض العربان، بعد توجيه الصواريخ والمسيرات الإيرانية تجاه الكيان الصهيوني، إلى موالين لإيران وموالين للصهاينة، وكأنّ القضية الفلسطينية لا تهمهم في شيء. وحدود تفكيرهم لم تتعدّ الانقسام والموالاة و’التنبير’ والكذب والادّعاء بمعرفة كلّ شيء. فهم المدركون و هم الفاهمون وهم الأذكياء وهم قارئو الغيب والمستقبل وهم ” لا قبلهم ولا بعدهم ” في تحليل السياسة والحروب والسلم والاقتصاد والانهيارات الأرضية والفيضانات والهزات السياسية والاضطرابات الاجتماعية والغيبيات وغيرها من ” العلوم ” التّي لا تخطر حتّى على خبث الشيطان ومجال عمله. لذلك نحيل كلّ هؤلاء على ما قاله وزير الثقافة المتطرف في حكومة الاحتلال الصهيوني ” ميكي زوهار ” بالقول ” إسرائيل فشلت ضدّ حماس، وفشلت ضدّ حزب الله وفشلت أمام ايران ” فهل أنتم أدرى بشعاب الكيان من هذا الوزير الصهيوني؟
نبذة من تحاليل جهابذة هؤلاء الفلتات
البعض، من جهابذة هؤلاء المحللين، يتمرس وراء ايديولوجته، أو وراء قضبان توجهاته الحزبية الضيقة. أو وراء حاسوبه. والبعض الآخر يعتقد في نفسه ” طز حكمة ” في التحليل والتنوير وقراءة الكف السياسي الدولي. بل البعض من هؤلاء ذهب إلى أنّ كلّ الحكاية، وهذه الضجّة من المسيرات والصواريخ والمجنّحات الإيرانية تجاه الكيان الصهيوني، لا تعدو أن تكون إلاّ مسرحية، سيئة الإخراج ومتفق على تفاصيلها، بين المؤلف والمخرج والممثل مسبقا. وهي موجه فقط للمتقبّل من الجمهور العريض وكفى المؤمنين شرّ القتال. وغيرها من التحاليل السخيفة والرخيصة.
وقد ذهب البعض بالقول وأن ما على حماس الآن إلاّ أن تسلّم بخسارتها وتسلّم بالتالي بمقاليد الحكم إلى السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا، عندها فقط سيبدأ العدّ الماراطوني لحوارات سياسية، ستفضي بالضرورة إلى قيام الدّولة الفلسطينية المستقلة.
عدا ذلك سيمضي الصهاينة في مخططهم للقضاء على القضية الفلسطينية وإبادة الفلسطينيين على بكرة أبيهم. إلى هذا المحلل ” الكبير ” نقول، هل بإمكانك أن تعطينا فكرة بالأرقام عن الخسائر التي تكبّدها الكيان الصهيوني في الأرواح والعتاد العسكري والمعدات و المباني؟ وهل تعرف كم عدد السكان الصهاينة الذين أرغمتهم صواريخ المقاومة جنوبا و شمالا من إخلاء مقرات سكناهم؟ وهل بإمكانك حصر الخراب الذي تسببت فيه صواريخ ومسيرات إيران
من خسائر على موقعين عسكريين فقط في ” النّقب ” رغم توجيه العدد القليل منها إلى مواقع بعينها. وهل تعلم وأنّ ايران أطلقت ما يزيد عن 330 مسيرة و صاروخا خلال الرّد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق ( منها 185 مسيّرة و 36 صارو كروز و 11. صواريخ أرض أرض ) و ذلك بتأكيد من العدّو الصهيوني نفسه.
تكّتم على الخسائر
وهل بإمكانك تفسير تكتم العدّو على خسارته جرّاء هذا الرّد الإيراني؟ فإن كان البعض يعتقد وأنّ كلّ هذا مسرحية؟ فإنّنا نخرّ ساجدين أمامك لأنّك بالفعل تعدّ موسوعة في التحليل والخبرة والمعرفة وقراءة الكف الجغرا – سياسي؟ ولعلم ” أحبابنا ” من هؤلاء المحللين نقول وهذا باعتراف الصهاينة أنفسهم وعلى رأسهم نتناياهو الذي قال ” نقدّر وقوف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل وكذلك دعم بريطانيا و فرنسا و العديد من الدول الأخرى
“فهل مثل هذا التصريح لرئيس حكومة الاحتلال لا يعني شيئا لهؤلاء المحللون الجهابذة؟ أم هم ” ملكيين أكثر من الملك ” و متصهينيين أكثر من الصهاينة أنفسهم؟ أم هم بالفعل عباقرة العصر في التحليل والاستنتاج وقراءة الكف؟
الجانب الرسمي في العالم يؤكد خطورة ما يحدث
لنضيف، تأكيدا للزلزال الذي أحدثته المسيرات والصواريخ الإيرانية داخل الكيان، بعض المواقف الرسمية على مستوى العالم، العربي والدولي. فهذا الرئيس الأمريكي ” بايدن ” يقول ” إنّ التزامنا صارم بأمن إسرائيل في مواجهة ايران و وكلائها ” فهل هذا التصريح يأتي من فراغ؟ في حين دعت الخارجية السعودية كافة الأطراف ” على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس و تجنيب المنطقة و شعوبها مخاطر الحروب ” كما أكدّت مصر ” على أنّها على تواصل مستمر مع جميع الأطراف المعنية لمحاولة احتواء الموقف و وقف التصعيد و تجنيب المنطقة مخاطر الانزلاق إلى منعطف خطير من عدم الاستقرار و التهديد لمصالح شعوبها ” إلى جانب ذلك دعا الأمين العام للأم المتحدة ” أنطونيو جوتيريش ” الطرفين إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنب أي عمل قد يؤدّي إلى مواجهات عسكرية كبيرة و على جبهات متعدد في الشرق الأوسط مؤكدا على أنّ لا المنطقة و لا العالم يستطيعان تحمل حربا أخرى” و من بين هذه المواقف الهام للرئيس الكولومبي ” جوستابو بيترو ” الذي قال ” لقد كان الأمر متوقعا، فنحن الآن في مقدمة حرب عالمية ثالثة وتحديدا بينما ينبغي على البشرية إعادة بناء اقتصادها نحو الهدف السريع المتمثل في إزالة الكربون. إن دعم الولايات المتحدة، عمليا، للإبادة الجماعية، قد أشعل العالم. الجميع يعلم كيف تبدأ الحروب، ولا أحد يعرف كيف تنتهي. لو كان شعب إسرائيل على مستوى عال بما فيه الكفاية، مثل أسلافه، لأوقف جنون حاكمه. يتعين أن تجتمع الأمم المتحدة بشكل عاجل ويجب أن تلتزم على الفور بالسلام”
فهل كلّ هؤلاء مخطئون أمام تحليل جهابذة العصر
وبعد كلّ هذا، نعود لنسأل جهابذة قرارة الكف السياسي الدولي، هل أنتم أكثر دراية من محترفي السياسة عبر العالم؟ أم نسيتم وتناسيتم أنّ أصل الموضوع هو الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وما يجري حاليا من قتل وترويع وسجن و حرمان من أبسط ضروريات الحياة بل و إبادة جماعية لهذا الشعب الذي يعاني منذ ما يزيد عن 75 سنة من العذابات و التهجير و الموت؟ فإيران، و هذا ليس دفاعا عليها، بل هي ليست في حاجة إلى من يدافع عليها.. هي من تشكل حاليا الشوكة في حلق هذا الكيان الصهيوني الغاصب بل وتخشاه في صحوها ونومها؟ وكذلك إيران يمثل شوكة أيضا في حلق هذا الغرب الذي يكيل بمكيالين حين يتعلق الأمر بالربية إسرائيل، و ذلك بعد أن تمّ تدجين كلّ العالم العربي، سواء عبر اتفاقيات ” الاستسلام ” أو عبر الاستكانة لبعض الأنظمة حفاظا على كراسي الحكم و المصالح الذاتية؟
الرّد كان مدروسا وعقلانيا
وقد يسأل البعض، لماذا اقتصر الرّد الإيراني على المواقع العسكرية فحسب؟ للإجابة نقول وأنّ هذا الرّد هو ردّ قوّي وعقلاني. قوّي، وقوّته تكمن في عدد المسيرات والصواريخ ” 330 بين مسيرات وصواريخ ” التي غطت كامل سماء الأراضي المحتلة ممّا أجبر كلّ الصهاينة، حكومة وشعبا من الاختباء وترك البلاد ترتع فيها الصواريخ والمسيرات الإيرانية، بالرغم من الحديث وأن جلّها تمّ احباطها قبل وقوعها. لذلك نقول وأنّ جلّها بالفعل تمّ احباطها ولكن بسواعد عربية خدمة للكيان الصهيوني للأسف وبمساعدة غربية أيضا؟ ورغم ذلك أصابت الصواريخ بعض المنشآت العسكرية خاصة في النّقب وخلّفت أضرارا فادحة في المطار والمعدّات والمركبات والمباني؟
وثانيا نقول كان هذا الرّد عقلانيا، لأنّ إيران تعلم، والكلّ يعلم، وأنّ الكيان الصهيوني ليس وحده بل وراءه تقريبا كل الغرب وفي مقدمته أمريكا وبريطانيا وفرنسا و ألمانيا. وبالتالي محدودية الاقتصار على مواقع معينّة تعني فيما تعني سحب البساط من تحت أقدام الكيان الصهيوني من الارتكاز على نوعية الأضرار لتدويل الحرب. وهذا ما يخدم مصالحه، على الأقل كخروج آمن من مأزق غزّة الذي تورط فيه ولم يعرف كيف تخرج منه؟
فلسطين أوّلا وإن تعددت أوجه المقاومة
وفي ختام هذه الورقة، نقول وباختصار شديد، وأنّ الأهم في كلّ هذا اللغط من هنا وهنالك، هو التفكير بعقلانية في الوضع الذي تمرّ به القضية الفلسطينية وبعيدا عن خلق المزيد من المطبات أمام هذه القضية الشائكة والعادلة وذلك حتّى لا نتيه في المزالق الثانوية حتّى لا نقول التافهة. وعين العقل يقول كلّ من يعمل من أجل تحرير فلسطين مرحب به، بقطع النّظر عن بقية الزوايا الأخرى.
فجنوب افريقيا، حين قدّمت قضية إلى محكمة العدل الدولية، هي مساهمة كبيرة منها، في إضفاء العدالة الدولية على القضية الفلسطينية. ودولة الأرجنتين التي، اشتكت بألمانيا لبيعها ودعمها للكيان بالأسلحة، نقول لها كذلك شكرا، فأنتم من معدن الأحرار. فما بالك وإيران التي دكّت هذا الكيان بوابل من الصواريخ؟ لذلك لا يهمّنا في المتاهات الأخرى التي تخص إيران، بل المهم من يخدم القضية الفلسطينية ولو بالكلمة الطيبة. وبالتالي يكفي جهابذة العصر لمساعدة الفلسطينيين ولو بصمتهم. فكلّ من يحاول المساعدة في حلحلة الوضع بفلسطين، سواء بالبندقية أو الصاروخ أو المسيرة أو بموقف إيجابي أو حتّى بكلمة طيبة هو مرحب به و نشدّ على أياديه؟