صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: اوقفوا حالا هذه الحرب العبثية بالسودان الجريح؟

كتب: الأمين الشابي
السودان أو كما هي تسميته الرسمية، جمهورية السودان، هي دولة عربية، و نظامها السياسي جمهوري، و مساحتها تبلغ 1.882.000 كلم مربع ( بعد انفصال جنوب السودان  سنة 2011)  مما يجعلها ثالث أكبر دولة من حيث المساحة.

والسودان، الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 49 مليون نسمة، لغته العربية ويقع في شمال شرق أفريقيا وعاصمته الخرطوم وتحده مصر من الشمال و ليبيا من الشمال الغربي و تشاد من الغرب وجمهورية أفريقيا الوسطى من الجنوب. ومن مميزات جمهورية السودان كونها قطر شاسع و غني بالموارد الطبيعية و الزراعية و الحيوانية و المعدنية و النباتية و المائية..

حرب عبثية

السودان، التي تعصف بكيانه و شعبه و مقدراته بل و حتّى بوجوده، حرب عبثية، يخوضها ” جينرالان ” من أجل السلطة و الحكم و لكن، للأسف، على حساب السودان كدولة ضاربة في التاريخ و على حساب الشعب السوداني الذي عانى الأمرين من حكم العسكر، و ذلك بقطع النّظر عن من له الحق من الطرفين و من بادر بإشعال فتيل الحرب…

الوقت ليس وقت محاسبة

وللأسف، كل من الطرفين يتوعد الآخر، و كل من الطرفين يتهم الآخر، و كل من الطرفين يختلق التبريرات، و كل من الطرفين يستعرض عضلاته على الآخر، و كل من الطرفين يعتقد أنّه على حق، و كل من الطرفين يشعر و أنّ السودان ضيعة خاصة به؟ يفعل بها ما يشاء و لو دمرت على بكرة أبيها  و  لو تمّ فناء شعب بأكمله، فالبوصلة لا تشير لدى الجنرالات إلاّ في اتجاه السلطة و الحكم و الكرسي، المهم هو اثبات الذات و أنّ هو الأقوى و هو الأجدر، و كأنّ الوطن لا يتسع إلاّ لأحدهما. و لكن كل منهما أسقط حق الوطن، و أسقط حق المواطن، و أسقط من حساباته كلّ شيء إلاّ بقاءهما على رأس السلطة؟ و الغريب في الأمر و أنّ كل منهما يتوعد الطرف الآخر بالحساب و الثبور و الإقصاء و الموت؟ 

والسؤال هنا مفاده، من يحاسب هؤلاء على ما اقترفوه في حق السودان، الوطن و الشعب و المقدرات؟ و بالتالي نرى و أنّ الوقت ليس وقت حساب و لا محاسبة، بل نقولها بكل قناعة و أنّ الوقت هو وقت الحفاظ على السودان و وقت المصالحة من أجل السودان و شعبه الجريح، و وقت المصالحة الشاملة و الكاملة بين الشمال و الوسط و الجنوب للسودان.  يحب ألاّ نسقط أيضا من حساباتنا و أنّ المواطن السوداني هو الآن بلا غذاء ولا ماء ولا دواء و هو مطارد لا يعرف استقرارا، و المسكين يتحمل تبعات هذه الحرب العبثية و ليس له ناقة ولا جمل في هذه الحرب التي تدور رحاها في السودان و تطحن كل شيء من أجل الاستفراد بالسلطة؟

السودان ضحية المؤامرات

نعم قد يكون أحد الطرفين على حق و يحمل لواء الدفاع عن وطنه أمام مجتمع دولي و إقليمي لا يأبه بما يجري خاصة إذا كان مسرح الاقتتال دولة عربية  وذلك مقارنة بالوقوف مع أوكرانيا ضد روسيا و مساندتها  المطلقة، مالا و عتادا و رجالا و معلومات و تسليحا في حربها ضدّ روسيا؟ و قد يكون هذا الاقتتال في السودان مخططا له من قبل هذه القوى الخارجية؟ و قد تكون السودان أحد ضحاياه، بعد أن قوضوا استقرار كل من سوريا و العراق و ليبيا و اليمن و قد تكون القائمة طويلة، في مخطط الغرب، و لكل دولة وقتها و دورها وخوّنتها و أدوات التنفيذ أيضا؟

ورغم ذلك لا بدّ من اليقظة، فقد تكون السودان ضحية مؤامرة دولية؟ و ما أكثر المؤامرات ضد العالم العربي، و ذلك حتّى يتفتت و يتجزأ السودان عبر التطاحن الداخلي حتى يسهل الاستيلاء عليه و ابتلاعه تحت يافطات غربية كثيرة و معدّة سلفا. و قد يسيل، هذا الاقتتال بين الإخوة الأعداء، لعاب الإرهاب الذي يبحث عن فرصة سانحة ليقيم إمارته و يقيم فيها “الآذان” ما دامت الجغرافيا في وضع انهيار و عدم استقرار خاصة على مستوى الحدود. فهذا الرهط، ربما ينتظر فقط الفرصة للتسلل للسودان و يعبث بهذه الدولة الجريحة و يعمّق جراحها و يفرض عليها ما يريد من قتل و الرجوع بالبلد إلى العصور الحجرية، كما تمّ بالعراق و سوريا و ليبيا؟ 

ولكن أيضا بدون أن ننسى الكيان الصهيوني و هو الذي حاول صب الزيت على النار عبر عرضه المساعدة على أساس التطبيع معه. في كلمة الكل ” يخطب ” ودّ هذا البلد الجريح  و لكن بحسب أهدافه و ما يحققه من مصالح؟ لذا الحذر من هذه الناحية مطلوب جدّا و ذلك حتى لا تقع الفأس في الرأس ؟ فبعض الجهات تتمنى أن يطول عمر الحرب لتتدخل عبر عرض المساعدة و التي سريعا ما تتحوّل إلى التحكم في مقدرات الوطن و نهبها، وبالتالي تصبح هي من  يحدد خطواته و اتجاهه بل قد تصبح هذه الجهة المتدخلة تحت يافطة ترجيح الكف لأحد طرفي النزاع، هي الناهية و الآمرة و المتحكمة و الناطقة باسم هذا البلد.
ومن هنا، على الحكماء و العقلاء في السودان أن يفوتوا الفرصة على كل الطامعين و الاستعماريين و الخونة، و لا يجعلوا من هدف نصب أعينهم إلاّ إيقاف الحرب أولا و أخيرا على أساس أن يكون الحل سودانيا سودانيا، و لكل حادثة حديث بعد ذلك…


الحل يجب أن يكون سودانيا سودانيا


وعليه يجب أن يكون الحل، لهذه الأزمة بل  لهذه الحرب، سودانيا سودانيا بعيدا عن التدويل . فالتجربة علمتنا و أنّه كلما تمّ تدويل أزمة دولة ما،  إلاّ و يتفاقم وضعها و تصبح تحت الهيمنة و المصالح الخارجية. فقط هنا – و من باب رأب الصدع بين الإخوة الأعداء في السودان – لابدّ من وساطات عربية و خاصة من قبل دول الجوار من أجل إنهاء رحى هذه الحرب، لا من أجل السودان فحسب بل و من أجل مصلحة دول الجوار أيضا، لتتدخل من أجل إصلاح ذات البين حتى لا يلحقها هي تبعات هذه الحرب. و بالتالي  لا يحب انتظار الدول الغربية لفض مثل هذا النزاع بين السودانيين و التدخل في الشأن الداخلي السوداني، باعتبار و أنّ جل هذه الدول تتحرك للحفاظ على مصالحها أو البحث على مصالح جديدة و لو على أشلاء الشعب السوداني الشقيق؟ و من هنا نتساءل أين دور دول الجامعة العربية؟ و أين دور المنظمة الإسلامية؟ و أين ثقل بعض الدول العربية لتقول كلمتها و هي القادرة على ذلك؟
وما يحزّ في النفس هو إهدار الوقت و رحى الحرب تطحن كل شيء في السودان؟

كلمة أخيرة

السودان دولة عربية و إسلامية، فلا بدّ من نصرتها و الحفاظ عليها حتى لا تتجزأ و تصبح دويلات دويلات ؟ الشعب السوداني شعب عظيم، لا يستحق كل هذه المعاناة و هو يرى دولته على كف عفريت؟ دولة السودان هي سلّة افريقيا؟ هذه الدولة العربية العظيمة، أ لا  تستحق منّا جميعا وقفة الرجل الواحد لإنقاذها من أتون الحرب و الانقسام و التشتت و النزوح، أ  لم يكف ما حصل في الشعب السوري و اليمني و الليبي حتى نزيد إليهم الشعب السوداني؟ و لنتأكد و أنّ الأجيال القادمة و التاريخ سيحاسبنا لأنّنا لم نحم أوطاننا و لم ندافع عنها و لم نحافظ عليها بل خنّا أوطاننا و بعناها لأعدائنا ؟ فالوطن هو الشرف و العرض فمن لم يحافظ عليه، فقد فرّط في شرفه و عرضه…و إن كانت بعض الأنظمة العربية متخاذلة فعلى الشعوب العربية و الإسلامية أن تتحرك نصرة للسودان العظيم و لو عبر حراك سلمي يندّد بما يحصل في هذا البلد الجريح؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى