الأمين الشابي يكتب: الغرب ضد أي تقدم علمي عربي ـ إسلامي مهما كانت أغراضه..

كتب: الأمين الشابي
قد يكون ترامب نجح في خداع الجميع عبر وسيلة الكذب والتمويه والادعاء والخداع بالكلام المتعقل والمنطقي ظاهريا… وقد يكون أتقن لعب دور ‘الثعلب المحتال’ في المراوغة وحمل قناع العقل والتعقل في حديثه…
ولكن أفعاله للأسف تقطع الشك باليقين بقصفه المواقع النووية الإيرانية تحت جنح الظلام، وبذلك أكّد ممّا لا يدعو للشك، أنّه في مقدمة الأعداء ـ بمعيّة الكيان السرطاني ـ لكلّ نفس تقدم علمي تحرزه الأمة العربية والإسلامية. ولا يريد بالتالي لعالمنا العربي والإسلامي أيّ تقدم علمي يجعله مساهما في الحضارة الإنسانية ومحصنا ضدّ الغطرسة الغربية عموما وعلى رأسها ماما أمريكا والكيان الصهيوني على وجه الخصوص. هذا في اعتقادي ملخصا لكل ما تفعله أمريكا والكيان وكلّ من قاسمهم هذا الهدف الخبيث ضد الأمة العربية والإسلامية.
ثمّ ماذا بعد هذا العداء
شخصيا لا أريد الخوض في الفعل وردّة الفعل، عمّا تأتيه الجهات المتصارعة، فتلك كلّها تفاصيل غير مفيدة في نظري.
بل المفيد هو أن نفهم جيّدا الأهداف وراء استعمال كلّ هذه القوة والغطرسة لهدم كل هذه المواقع النووية الإيرانية بكلّ تلك الوسائل الحربية، بكل تحدّ وجرأة لعالمنا العربي والإسلامي بمباركة العالم الغربي لتلك الأفعال حتّى لا نقول ومساهم فيها.
والسؤال هنا ثمّ ماذا بعد هذا العداء الغاشم على هذه المواقع النووية الإيرانية؟ والحال وأنّ الكيان له أكثر من مفاعل نووي وعلى رأسها مفاعل ديمونة النووي؟
وماذا عن الصمت المخزي لأنظمتنا العربية والإسلامية؟ وهل ستكون هذه المحطة هي آخر محطة للعربدة والبلطجة الأمريكية / الصهيونية على مقدرات عالمنا العربي والاسلامي؟
تسلّل الأعداء من فرقتنا و تناحرنا
الصمت المخزي لجل الأنظمة العربية والإسلامية، بعد كلّ اعتداء من قبل هذا الكيان السرطاني بمباركة أمريكية يقابله، للأسف، تماسك صفوف للعالم الغربي خاصة على المستوى الرسمي.
في حين وأنّ أنظمتنا العربية والإسلامية، لم يكفيها الفرقة والتناحر بينها البعض، بل البعض منها يبارك هذه الضربة للمواقع النووية الإيرانية، تحسبا وخوفا منها. في حين لا يحرّك ساكنا تجاه المواقع النووية الصهيونية التي تهدد أصلا وجود كل هذه الأنظمة العربية الصامتة وذلك عبر التفوق عليها نوويا وعسكريا؟
زرع الشقاق
ومن هنا نستشف وأنّ الغرب، بقيادة المايسترو الأمريكي وبمساعدة الراقصة الصهيونية، تمكن من زرع الشقاق ليصبح الأخوة أعداء ومتناحرين رغم كل ما يجمعهم. ولينقسم عالمنا العربي والإسلامي فيما بينه، وذلك في غياب مفهوم الوحدة بينها وحضور عامل عدم الثقة والخوف من بعضهم البعض. ولعلّ العامل الأهم في هذه الفرقة يتمثّل في غياب التداول على السلطة بطريقة سلمية وذلك عبر صناديق الاقتراع. باعتبار وأنّ المتأمل في وضع هذه الأنظمة العربية والاسلامية يلاحظ وأنّها تدور في فلك اللاّ ديمقراطية.
فجل هذه الأنظمة إمّا هي ملكية، تتداول العائلة الحاكمة على الحكم بالوراثة. أو آل الحكم إلى بعض أنظمتها عبر الانقلابات أو الوصول إلى سدّ الحكم على ظهر الدبابات. فلا هم طبقوا الشريعة على أسسها ولا انخرطوا في الديمقراطية من الباب الكبير. كلّ هذا الوضع يفسّر ما نعيشه من تشرذم وانقسام وتقهقر. والخطير ارتماء بعض هذه الأنظمة في أحضان العدو ليحميه من نظام عربي أو إسلامي آخر؟ وهذا ما سهّل تسلل العدو بين صفوفنا ليزيد من تمزيق هذه الأمّة العربية والإسلامية تمزقا على ما هي عليه من تمزق؟
إيران أرادت اللعب مع “الكبار” فكان ما كان
قد تكون إيران الاستثناء الوحيد في عالمنا الإسلامي والقريب من الجغرافيا العربية، فهمت ما يدور في ذهن وخلد الغرب من العمل على إضعاف العالم العربي والإسلامي من أسباب التقدم خاصة منه العلمي والعسكري.
ويبدو أنّ إيران – رغم حربها مع العراق لمدة 8 سنوات – استوعبت أهداف الغرب عبر اصطياد وقتل واغتيال كل العلماء العراقيين، بعد الإطاحة بنظام صدام حسين، خاصة من هم في المجال الكيميائي والفيزيائي لتفهم وتستنتج وأنّ هذا الغرب وعلى رأسه ماما أمريكا وبمساعدة صهيونية لا يسمح للعرب والمسلمين من التمكن من أسباب التقدم العلمي سواء في المجال السلمي أو الدفاعي. ومن هنا كانت إيران ومنذ عقود يخضعها الغرب، بدفع من الكيان، إلى عديد المحاولات للقضاء على كلّ نفس علمي بها خاصة إذا تعلق الأمر بالمجال النووي.
فالغرب لا يقبل في تلك الربوع بالشرق الأوسط إلاّ بتفوق الربيبة إسرائيل لتكون سيدة الموقف خاصة في ردع كلّ من يحاول مقارعة هذا الكيان..
وما يجري من إبادة جماعية في غزة وفي فلسطين عموما ليس إلاّ تجسيدا لجعل هذا التفوق أمرا واقعيا. فكيف ستسمح أمريكا وربيبتها الكيان من امتلاك إيران أسباب القوّة والمناعة؟ ومن هنا كانت الهجمة والضربة للمواقع النووية الإيرانية فجر الأحد..
هل تريد أمريكا فعلا السلام العالمي؟
هل تريد فعلا أمريكا وتوابعها من أن يعمّ العالم السلام الذي تدعيه وتروج له تبريرا لإجرامها في حق إيران ومنعها من حيازة ” السلاح النووي” خوفا من تداعيات ذلك على العالم ككلّ وبالتالي جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي؟
هذا التبرير المفضوح ليس إلاّ من قبيل ذرّ الرماد على العيون التي لا ترى الخبث الغربي والأمريكي على وجه التحديد لضربها المواقع النووية الإيرانية.
الخبث يا سادة، وباختصار شديد، يقول لا تفوق إلاّ للكيان بالشرق الأوسط نوويا وعسكريا واقتصاديا و استعماريا وبالتالي لا وجود لدولة فلسطين في تلك الربوع. وذلك من أجل أن تجعل من منطقة الشرق الأوسط امبراطورية صهيو / أمريكية، لا حول ولا قوّة للأنظمة العربية والاسلامية المتواجدة فيها أمام التفوق الاسرائيلي.
أو بعبارة أخرى تريد أمريكا أن تجعل من منطقة الشرق الأوسط عزبة لتستولي هي على كلّ مقدراتها عبر الكيان والبقية من أنظمة ورعايا هم ” خماسة ” وأداة انتاج لدى أمريكا. أمّا ” نمنامة” تريد أن تجعل من منطقة الشرق الأوسط واحة سلام، فهي فقط يافطة من الكذب والضحك على الذقون. فلو كان هذا هو الهدف حقيقة، لطالبت أمريكا والغرب من ورائها أيضا من الكيان التخلي عن برنامجه النووي أو تهديده بضرب تلك المواقع كما فعلت مع إيران؟ فهل تمّ هذا أو سيتّم؟ لنحلم معا.. وفي النهاية ستكون منامة “عتارس”. انتهى الدرس…
شكر الله سعي هؤلاء!
سؤال دائما ما يؤرقني ومفاده متى ستستوعب أنظمتنا العربية خاصة وبالتالي تأخذ المكانة التي تليق بها ويكون لها وزنا وموقفا خاصة وأنّ الله حباها بكل أسباب القوة والمناعة من دين إسلامي حنيف يدعو إلى التآخي والتحابب..
وأيضا إلى الأخذ بكل أسباب القوّة، ومقدرات نفطية كل العالم في حاجة إليها، ومناخ معتدل وأراضي خصبة وموارد بشرية وطاقات علمية خاصة من الشباب وتاريخ مجيد، فأين يكمن الخلل؟ إن كان في هذه الأنظمة العميلة و المتخاذلة..
فتأكدوا وأن شعوبها ستكنسها عاجلا وليس آجلا…