صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: الصمت الرسمي العربي والإسلامي وراء تغوّل اسرائيل..

Amine Chebbi ce
كتب: الأمين الشابي

أعتقد و اعتقادي جازما و أنّه – لا قدّر الله – لو انهارت المقاومة في غزّة أمام البطش الاسرائيلي، و لا أخالها تنهار، لأنّ عزيمة و إرادة المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني، هي الأعمدة الأساسية التي يعتمد عليها الشعب الفلسطيني – بعد الله طبعا – وذلك في مواجهة هذا العدو المدجج بالسلاح، لأنّ جيشه فاقد للرجولة و الشجاعة لمقارعة رجالا عاهدوا الله على النّصر و وعدهم الله بذلك…

ما مصير الحكام العرب؟

فلو افترضنا، جدلا، انهيار المقاومة في فلسطين، فكيف سيكون مآل الحكام العرب و المسلمين أمام كيان هدفه إقامة امبراطورية اسرائيلية من الماء إلى الماء؟ فهل سيكون مستقبل حكمهم في مهبّ الريح، باعتبار و أن المقاومة في فلسطين قلعة المواجهة الأولى لإيقاف زحف هذا التتار الجديد؟ و السؤال الآخر، الذي لا بدّ من طرحه، مفاده، لماذا كلّ هذا التخاذل والصمت من قبل الدول العربية و الإسلامية رغم بسالة المقاومة؟ و لماذا لم يفعّلوا قرار محكمة العدل الدولية و يكسروا الحصار و بالتالي تزويد قطاع غزة بما تستحقه من غذاء و دواء وماء و معدات طبية و خيم تحميهم من برد فصل الشتاء و تجمع شتات كلّ العائلة.
ما سرّ هذا التخاذل والصمت؟

ليس من باب اللوم أو التحامل على الأنظمة العربية ( 22 دولة ) أو الإسلامية ( 57 دولة )، و لكن يبدو و أنّ تفاعلها الباهت لما يجري في قطاع غزة يثير ألف سؤال و سؤال. بل نلاحظ صمتا غريبا، حتّى لا نقول عدم اكتراث للبعض من الدول العربية لما يحدث على الساحة الفلسطينية بل و الأدهى – و هو ما يخيف أصلا – هو ما يجري، ربما، في السرّ من تعاون من قبل بعض الأنظمة العربية والإسلامية مع اسرائيل؟

ومن هنا نسأل أين دول الخليج، باستثناء قطر التي تلعب دور الوسيط، من كلّ ما يرتكبه الاسرائيليين في حق الفلسطينيين، فلماذا أصواتها خافتة و تكاد لا تسمع؟ فهل تحركها الأخير بوجود مصر و الأردن على مستوى وزراء الخارجية يكفي أم هو مثابة ذرّ الرماد في العيون؟ فلماذا لم تلّمح ولو تلميحا بالتهديد بسلاح النفط من أجل التخفيف على ما يعانيه الشعب الفلسطيني؟ و أين مصر، الدولة الهامة من دول الطوق – و إن كانت مرتبطة باتفاق كامب ديفيد – فهل الإسرائيليون يعترفون ويحترمون تعهداتهم ؟
وماذا يعني ما صرّح به بادين، أخيرا، من أنّه أقنع السلط في مصر من فتح معبر رفح بعد رفضها في البداية؟ وأين هي بقية الدول الإسلامية وعلى رأسها تركيا، فلماذا يلف صوته هذا الصمت و لم، لم نسمع عنه موقفا مزلزلا كما كان يفعل؟ و السؤال الأهم لما لم تقدم هذه الدول العربية و الإسلامية على كسر الحصار على غزة بالاعتماد على قرار محكمة العدل الدولية، الداعي إلى انقاذ أهالي غزة، عبر ادخال كل المستلزمات المعيشية و الضرورية من غذاء و ماء و دواء و معدات طبية و خيم و بنزين و غيرها..

تخاذل أم ماذا؟

فماذا تنتظر هذه الدول لكسر هذا الحصار لإغاثة الشعب الفلسطيني؟ أم هو الخوف من اسرائيل؟ و بالتالي لماذا تكدّس هذه الدول العربية كلّ هذه الأسلحة، إن لم تستعملها ضدّ أعدائها و مساعدة إخوتها في الدين و اللسان و الجغرافيا؟ صدقا لم أجد تفسيرا مقنعا إلاّ التخاذل في خدمة القضية الفلسطينية التّي يدّعي الكلّ بأنّها قضيته الأولى و لكن على مستوى الفعل لا شيء سوى الكلام و اللغط و الاجتماعات و التصريحات التي لا تفيد و لا تغني؟ الشعب العربي و الإسلامي يريد من أنظمته أفعالا، لا كلاما؟ فهل تنتظرون الغرب أن يقوم مقامكم للدفاع و نصرة أهلنا في فلسطين؟

هل يمكن الاعتماد على الغرب؟

“إن لم تخلق إسرائيل لخلقناها” و’أنا صهيوني’ كما قال بايدن، في حين قال وزير خارجية أمريكا بلينكن خلال زيارته إلى تل أبيب: أنا، هنا كيهودي لا كوزير خارجية الولايات المتحدة ” فضلا عن الرحلات المكوكية التي أدّاها المسؤولون الغربيون إلى الكيان الصهيوني بعد 7 أكتوبر، فضلا عن المواساة و الوعود بالوقوف إلى جانبه و تسليحه و مؤازرته ماليا و عتادا، مرورا بتحريك حاملات الطائرات إلى منطقة الشرق الأوسط و وصولا إلى جحافل الجيوش الغربية التي أتت فعليا لمساندة الجيش الصهيوني ضدّ غزّة؟ و بالتالي هل يمكن، يا أنظمتنا العربية و الاسلامية، أن تعتمدوا على الغرب، المنحاز كلّيا للكيان الصهيوني، لإيجاد حلّ عادل للقضية الفلسطينية التي تجاوز عمرها 7 عقود؟ بل كلّ من سقط شهيدا من الفلسطينيين ( حوالي 28 ألف شهيدا و أكثر من 67 ألف جريح و هدم ما يزيد عن 70 بالمئة من المساكن فضلا عن هدم المستشفيات والمدارس والكنائس والمؤسسات الرسمية ). و كلّ ذلك تمّ بسلاح مصدره هذا الغرب، الذي تضعون كل البيض في سلته، و على رأسها أمريكا؟ فهل تنتظرون، يا سادتنا و يا حكامنا و يا أمراءنا و يا ملوكنا و يا رؤساءنا، أن تقف هذه الدول الغربية بكل عدل مع القضية الفلسطينية؟ و الله شخصيا أخجل عندما أرى مثل هذه الأنظمة العربية و الإسلامية ، و التي يتجاوز عددها المليارين نسمة، تترك مآل القضية الفلسطينية بأيادي الغرب؟

لا يهمّ!

لا يهمّ، واصلوا صمتكم و ضعوا كلّ بيضهم في سلّة الغرب؟ و لكن انتظروا من هذا الغرب، الذي يتمسح البعض على أعتابه، أنّه لا يرحمكم و لا يرحم كراسيكم، حين تنتهي مصلحته بأنظمتكم، ولكم في التاريخ شواهد؟ و لكن عزاؤنا فقط، كشعوب عربية و إسلامية، في صمود المقاومة بفلسطين كلّ فلسطين. بل و يقيننا و أنّ غزة هي وحدها ستنتصر للإنسانية. فهي الوحيدة التي فضحت القتلة. و هي الوحيدة التي عرّت ازدواجية الغرب؟ و هي وحدها التي هزمت كل العواصم المتاجرة بالدعارة السياسية. و هي وحدها التي فضحت جبن الدول العربية و الإسلامية. و هي وحدها التي كسرت كلّ الحدود بين الشعوب الحرّة – التي تخرج و يوميا في مسيرات مساندة و وقفات احتجاجية -. و هي وحدها التي فضحت العالم كلّ العالم بل و وحدت أحراره عبر دماء رجالها و أشلاء أطفالها و استشهاد نسائها و صمود أبطالها؟ و غزّة هي الباقية على قيد الحياة و أنتم زائلون غربا و عربانا..

لو أغمض عين وافتحها وأجد فلسطين قد استقلت.

معذرة عن خيالي المتفائل، رغم أنّ الغرب على أبصاره غشاوة الصهيونية، وعلى قلوبنا كعرب و مسلمين ختم اللامبالاة و العدم، فإنّي أرى و أنّ النّصر قادم بل و قريب. بالرغم من العدوان الإرهابي غير المسبوق من الكيان على قطاع غزة بل و الذي امتد كذلك على الضفة الغربية و كلّ فلسطين. و بالرغم أيضا من خسائر الفلسطينيين جرّاء العدوان، فإن هذا الكيان تكبّد أيضا خسائر كبيرة (رغم محاولات اخفائها) في العتاد و الأرواح بل و حصد موجة عالمية من الكراهية عبر عواصم، لا الدول العربية و الإسلامية فحسب، بل و أيضا عبر العواصم الغربية عموما. بل ما يجرى في فلسطين فضح حقيقة هذا الكيان وانكشف كل ما يدّعيه من تحضر و ديمقراطية و حقوق الإنسان بل جرّ إلى مستنقعه الغرب لينكشف أيضا على حقيقته و مزاجه الصهيوني.
إني على يقين و أنّ هذا الكيان، سيفقد الكثير أيضا، على غرار اتفاقيات التطبيع أو العيش بسلام في المنطقة. و هو الذي يحلم بمسار سيبدأ من القاهرة مرورا بمنطقة الخليج العربي و مكة و الفرات، مخترقا الأردن و سوريا و كلّ أرض فلسطين. و بالتالي سيجد نفسه في التسلل و يعيش فقط أضغاث أحلام لا غير. و الحلم المعتمد، على ما يجري في الميدان وعلى الساحة الفلسطينية من صمود للمقاومة و من صبر الفلسطينيين، يبعث بريق أمل، بأنّ القادم أفضل للقضية الفلسطينية بالرغم من كلّ الخسائر في الأرواح و المباني و غيرها.. و الأيام بيننا؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى