إسلامنا الجميل

اسلامنا الجميل/ اليوم: يوم الفرقان ..ويوم الانتصار العظيم …انها غزوة بدر ألا تعلمون ..

سمى الله تعالى في القرآن يوم بدر بيوم الفرقان؛ لما كان فيه من التفريق بين الحق والباطل، وظهور نبينا صلى الله عليه وسلم على قومه من المشركين. وكانت غزوة بدر يوم الجمعة الموافق السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة.

وسببها أن النبي- صلى الله عليه وسلم- ندب أصحابه للتعرض لقافلة قريش العائدة من الشام إلى مكة، ولم يكن يريد قتالاً، وقريش استولت على أموال المسلمين عندما هاجروا لكن القافلة التي كان يقودها أبوسفيان نجت بعد أن كان أرسل إلى قريش يستنفرها لحماية القافلة، فخرجت قريش في نحوٍ من ألف مقاتل، منهم ستمائة دارع لابس للدرع ومائة فرس عليها مائة درع سوى دروع المشاة، وسبعمائة بعير، ومعهم القيان يضربن بالدفوف، ويغنين بهجاء المسلمين. أما المسلمون فكانت عدتهم ثلاثمائة وثلاثة عشر أو أربعة عشر رجلاً، وأكثرهم من الأنصار، وكان معهم سبعون جملاً، وفرسان أو ثلاثة أفراس فحسب، وكان يتعاقب النفر اليسير على الجمل الواحد فترةً بعد أخرى.

مواقف إيمانية

واستشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه قبل المعركة «قام أبوبكر الصديق رضي الله عنه فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو رضي الله عنه فقال: «يا رسول الله امض لما أراك الله، فنحن معك والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى بَرْكِ الغِمَاد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً ودعا له. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشيروا علي أيها الناس» وإنما يريد الأنصار، وذلك أنهم كانوا عدد الناس وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يا رسول الله إنا برءاء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا، فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف ألا يكون الأنصار ترى عليهم نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من بلادهم. فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: «أجل».

قال فقد آمنا بك، وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة لك، فامضِ يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً إنا لصُبُر في الحرب، صُدُق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر على بركة
الله. فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد، ونشطه ذلك، ثم قال: «سيروا وأبشروا؛ فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم».

إدارة المعركة

في صبيحة يوم المعركة جعل صلى الله عليه وسلم جيشه في صفوف للقتال، وبقي صلى الله عليه وسلم في قبة بمشورة سعد بن معاذ يدير المعركة، وجعل صلى الله عليه وسلم يكثر من دعاء ربه، حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر، وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك؛ فإنه سينجز لك ما وعدك. فأنزل الله عز وجل: «إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ» (الأنفال: 9)، فخرج وهو يقول: «سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُر» (القمر: 45). ورمى صلى الله عليه وسلم المشركين في وجوههم بالحصى، قال تعالى: «وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ» (الأنفال: 17)، فأثبت سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ابتداء الرمي، ونفى عنه الإيصال الذي لم يحصل برميه صلى الله عليه وسلم. وبدأت المعركة بتقدم عتبة بن ربيعة، وتبعه ابنه الوليد، وأخوه شيبة طالبين المبارزة، فخرج لهم شباب من الأنصار، فرفضوا مبارزتهم طالبين مبارزة بني عمومتهم، فأمر صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم، فقتل حمزة عتبة، وقتل علي شيبة، وأثخن عبيدة والوليد كل واحد منهما صاحبه، ثم مال علي وحمزة على الوليد فقتلاه، واحتملا عبيدة، وتأثرت قريش بنتيجة المبارزة، وبدأت الهجوم. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه برمي المشركين بالنبل إذا اقتربوا من المسلمين ودنوا. ثم التقى الجيشان في ملحمة كبيرة، وأمد الله سبحانه وتعالى المسلمين بالملائكة يوم المعركة، قال تعالى: «إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» (الأنفال: 10-9)، وقال: «إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ» (الأنفال: 12)، وعن رفاعة بن رافع الزُّرَقِيِّ، قال: «جاء جِبرِيلُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قال: من أَفْضَلِ المُسْلِمِينَ، قال: وَكَذَلِكَ من شَهِدَ بَدْرًا من المَلائِكَةِ».

دروس وعبر

وتعتبر موقعة بدر رغم صغر حجمها معركة فاصلة في تاريخ الإسلام، ولذلك سماها الله عز وجل بيوم الفرقان، قال تعالى: «وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ» (الأنفال: 41)، ففرق بها سبحانه بين الحق والباطل؛ فأعلى فيها كلمة الإيمان على كلمة الباطل، وأظهر دينه، ونصر نبيه وحزبه. وظهر في هذه الموقعة استعلاء العقيدة الإسلامية على سائر المصالح والمطامع الدنيوية، فقد أعلن الأنصار طاعتهم وتضحيتهم من أجل عقيدتهم، لا تحدهم العهود التي قطعوها في بيعة العقبة الثانية، وواجه المهاجرون أقاربهم في المعركة؛ فقاتل الابن أباه، والأخ أخاه، ولم تمنعهم أواصر القربى من قتلهم، أو محاربتهم؛ لأن العقيدة فوق كل علاقة وارتباط.
ونال المسلمون المشاركون في معركة بدر مغفرة الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: «لَعَلَ الله اطَلَعَ على أَهْلِ بَدْرٍ فقال: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ. واستحقوا المنزلة الرفيعة والتقدير الكبير، ولازمهم وصف «البدريون».

نتائج المعركة

قتل من المشركين سبعون رجلاً، منهم الذين بَيّنَ صلى الله عليه وسلم مصارعهم من أهل بدر بأسمائهم قبل المعركة، ما أخطأ أحد منهم الموضع الذي حده رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان من بين القتلى عدد من زعماء قريش، منهم: أبو جهل،عمرو بن هشام، قتله معاذ بن عمرو ابن الجموح، ومعاذ بن عفراء، وأمية بن خلف، قتله وابنه عليًا بلال بن رباح، مع فريق من الأنصار، وغيرهم. وأمر صلى الله عليه وسلم بسحب قتلى المشركين إلى آبار ببدر، فألقوا فيها، وكان عدد الأسرى من قريش سبعون رجلاً. وفر بقية المشركين.ودفن صلى الله عليه وسلم شهداء المسلمين، وهم أربعة عشر شهيدًا. وأقام صلى الله عليه وسلم في بدر ثلاثة أيام، فلما كان اليوم الثالث، أتى بئرًا فقذف فيها أربعة وعشرين من صناديد قريش، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، قائلاً: «يا فُلانُ بن فُلانٍ، وَيَا فُلانُ ابن فُلانٍ، أَيَ سر سُّركُمْ أَنَكُمْ أَطَعْتُمْ الله وَرَسُولَهُ؛ فإنا قد وَجَدْنَا ما وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا.

المصدر: القبس الكويتية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى