في بنزرت: ‘العملاق’ لطفي بوشناق في سهرة الغناء للوطن وللشهامة وللحب والأشـــواق

مواكبة: الأمين الشابي
عدسة: فــؤاد بن شعبان
قد يرمينا البعض بالتهويل والمغالاة إن قلنا بكل صدق بأن سهرة الكبير لطفي بوشناق كانت سهرة استثنائية بكل المقاييس، وذلك في سهرته التي أثثها ليلة أمس الأربعاء 7 أوت 2024 بمهرجان بنزرت الدولي…
هذه السهرة التي واكبها ما يزيد عن 10 آلاف متفرج غصّ بهم فضاء مسرح الهواء الطلق حافظ عيسى ببنزرت إلى درجة إنّك من الصعب جدّا أن تجد مكانا شاغرا سواء على مستوى المدارج أو الكراسي. بل لاحظنا وأنّه تمّ الاستنجاد بكراسي إدارة المهرجان لتلبية بعض الطلبات تفاديا لبعض التذمر والتشويش على جوّ السهرة.
أمّا من الجانب الرسمي رصدنا تواجده، كضيف شرف، السيد “يوري زايتسيف” وهو مدير المركز الثقافي الروسي بسفارة روسيا بتونس ومرافقته، وكذلك مندوب الشؤون الثقافية ببنزرت، فوزي بن قيراط والسيد معتمد بنزرت الجنوبية.
سهرة استثنائية بكلّ المقاييس
سهرة استثنائية، لأنّها جلبت ما يزيد عن 10 آلاف متفرج، جاؤوا من بنزرت ومن خارج بنزرت ليواكبوا هذا الحفل الكبير للكبير لطفي بوشناق كما وصفته إحدى المعجبات. فغصّ تباعا كل فضاء مسرح الهواء الطلق ببنزرت. فلا مكان شاغر بل رصدنا البعض يتابع الحفل واقفا والمهم لديه أن يستمتع بغناء هذا العملاق وبأحلى أنغامه وألحانه وحسن أدائه.
سهرة استثنائية، بكاريزما الكبير لطفي بوشناق ومدى حبّه لفنّه وحسن أدائه وانتقاء كلمات أغانيه واجتباء أفضل الألحان نغما وتوزيعا، ممّا يشدّ معه المتفرج وتتسرب كلمات أغانيه وألحانها العذبة إلى روح المتلقي ليجد نفسه أسير تلك الأغاني. ولا حلّ له إلاّ الذوبان في كلماتها والانصهار في ألحانها وتذوق الأداء الحسن لمطربها.
سهرة استثنائية، لأنّ الجمهور وعلى كثرته لم تتسرب إليه لحظة ندم أو كسل أو هدوء أو تململ. بل كان الجمهور حيّا ويقظا، منسجما مع كلّ ما يقدمه الكبير لطفي بوشناق سواء من الأغاني أو القاء بعض القصائد أو التواصل معه. وعليه لم يهدأ الجمهور الحاضر. وظل على طول ردهات السهرة يرقص ويردد مع الفنان كلمات كل الأغاني ويتواصل معه وكلّه نشوة وغبطة ورضاء بهذا الحفل البهيج.
سهرة استثنائية، لأنّها لم تغب عنها المآسي التي يعيشها الشعب الفلسطيني الذي حياه الكبير لطفي بوشناق بإلقائه قصيدة حول النضال الفلسطيني ” خليك صامد يا فلسطيني ” وأدائه أغنية لهذا الشعب الصامد، رغم كلّ المآسي التي يعيشها. وهذه اللفتة الجميلة للشعب الفلسطيني تلقاها الجمهور بالهتاف بحياة الشعب الفلسطيني ورفع الكوفية الفلسطينية والعلم الفلسطيني والعلم التونسي بين الجمهور.
بل تمّ اهداءه العلم التونسي من قبل الصحفية هالة الذوادي ليضعه على كتفيه بعد تقبيله والانحاء له ووضعه فوق رأسه، كان كلّ ذلك تحت وابل من التصفيق والحب لتونس الخضراء، ومن ذلك نستشف الوطنية العالية للجمهور و حبّه لوطنه.
سهرة استثنائية، لأنّ الكبير لطفي بوشناق غنّى كما لم يغنّ أبدا. ورقص لجمهوره كما لم يرقص أبدا. وتسلطن على مدى الحفل كما لم يتسلطن أبدا.
وانصهر في الأجواء مع الجمهور كما لم ينصهر أبدا. وغنّى لجمهوره أحلى أغانيه فكانت تباعا هذه الأغاني و البداية كانت مع موشح بعنوان “عجبي منك ” و حبيتك و تمنيتك ” و ” ويا شاغلة بالي ” لسيدي علي الرياحي و ” أخنا الجود أحنا الكرم” و ” العين اللي ما تشوفكشي” و “أش عليك يا نور عيوني” وأنا مواطن ” و ” خدعني زماني” و ” و ” غالبك ” و ” و هاذي غناية ليهم ” و ” وهمت بالتونسية ” و ” و ” للاّ وينك ” و ” و نساية ” و ” ريتك ما نعرف فين” و ” و انت شمسي انت ” و ” و كيف اشبحت خيالك ” و ” كيف يضيق الدهر يا مزيانة ” للصادق ثريا و ” بابا الشريف علاجي ” للهادي دنيا ”
هوامش:
*رغم الجمهور الغفير لم يطرأ ولو حادث بسيط بل كانت السهرة في كنف الهدوء والانتشاء والتنظيم. ويرجع الفضل أولا لمدنية المواطن التونسي وثانيا لأعوان الأمن وأعوان الحماية المدنية الذين بذلوا قصارى جهدهم ليمرّ الحفل في أفضل الظروف وكان لهم ذلك. فتحية اعجاب واعتراف بمهنية كوادرنا الأمنية بكل أسلاكها.
*علمنا أنّ تذاكر حفل بوشناق نفدت قبل يوم تقريبا من تنظيم الحفل، وذلك في حدود 7 آلاف تذكرة وهذا جميل باعتباره ينعش صندوق المهرجان ماليا ولكن يبدو وأنّ هناك فجوة بين التذاكر المباعة والجمهور الحاضر الذي تجاوز الـ 10 آلاف؟… فهل يعود ذلك إلى العدد الكبير من الدعوات؟
* بعد انتهاء الحفل، لم يجد مندوب الصريح سيارته وهو الذي ركنها قبل الحفل بمأوى المهرجان، فحين سأل البعض من أعضاء الهيئة في المهرجان وأيضا بعض أعوان الأمن، لا أحد قدم له الخبر اليقين.
هذا الأمر استوجب الانتظار حتى تمّت مغادرة كل العربات والسيارات من كامل محيط المهرجان الفسيح، ولكن لم تظهر سيارة مندوبنا، ممّا اضطره إلى أخذ سيارة ” تاكسي” والتوجه إلى المستودع البلدي، لعلّه يعثر عليها هنالك، ولكن أعلمه حارس المستودع بأنّه لا وجود إلى السيارة بالمستودع، ممّا استوجب البحث عليها وهو على متن سيارة التاكسي إلى حدود الثانية فجرا ليجدها مركونة في إحدى الأزقة الضيقة والمظلمة بالمدينة…
سؤال أطرحه على الجميع ومفاده هل هذا تصرف حضاري ومسؤول؟ ولا انتظر إجابة و لست في حاجة إليها؟