الصريح الثقافي

شهادة: كلمة وفاء للمرحوم فريد القاضي ..

* كتب: سعيد الباروني

لقد فارق استاذنا فريد القاضي الدنيا، بعد فترة طويلة من العطاء ، تاركاً سيرة عطرة، وذكرى طيبة، وروحاً نقيّة، وميراثاً من الخلق الرفيع

إنّ العطاء في الحياة سر من أسرار الخلود، سرّ عرفناه في استاذنا المرحوم وهو نمط لحياته، فمهما حاول الموت أن يبعده عنّا ، فهو لن يمحو ذكرى من أعطى كل هذا العطاء

استاذنا الفاضل يعزّ علينا فراقك، في وقت نحتاج فيه إلى امثالك من الرجال الأوفياء الصادقين
ومهما كتبنا من كلمات رثاء، وسطّرنا من حروف حزينة باكية، لن نوفّيك حقّك لما قدمته من عطاء ووقت وجهد وتفانٍ في سبيل تطوّر جزيرة جربة، لقد كنت قدوة ونموذجاً في الأمور التي تتطلّب الحزم وكنت مثالاً يحتذى به في الخير، واعطيت كل ما لديك في سبيل تطور وتقدم وبناء الوطن.
1

السيرة الذاتية للمرحوم فريد القاضي (01 سبتمبر1941/ 16 جويلية 2024)
– تلقّى تعليمه الإبتدائي بالمدرسة الإبتدائية شارع الحبيب بورقيبة حومة السوق جربة.
– تحصّل على شهادة ختم الدروس الإبتدائية بقبلي حيث انتقل مع أسرته ووالده الذي سمّي كاهية مكلّف بعمل نفزاوة وذلك في جوان 1955
– تلقى تعليمه الثانوي بالمعهد الفني بسوسة عندما عيّن والده واليا على سوسة وتحصّل على البكالوريا سنة 1964.
– تحصّل على الإجازة في الحقوق في شهر جوان 1968 وشهادة ختم الدروس بالنسبة للمدرسة القومية للإدارة في شهر سبتمبر 1968.
حياته المهنية: لقد تدرّج في مسيرته المهنيةّ
– متصرّف ( 1969-1971)
– متصرّف مستشار (1972-1980)
– متصرّف رئيس (1981-25/9/1985)
– متصرّف عام (25/9/1985- الى إحالته على شرف المهنة وهو في خطة كاتب عام من الدرجة الخامسة ببلدية جربة حومة السوق)
نشاطه بجمعية صيانة جزيرة جربة
– من مؤسسي جمعية صيانة جزيرة جربة في 25 جانفي 1976 مع مجموعة من خيرة رجال الفكر والثقافة تبعا لتوصيات ملتقى حول صيانة الهندسة المعمارية والمحيط بجزيرة جربة المنعقد في 1975
– تولى خطة الكاتب العام للجمعية في المكتب التأسيسي الذي ترأسه المرحوم الصادق المقدّم رئيس البلدية وقتئذ. ثم تولى رئاسة الجمعية من 1978 الى 1999
– عيّن رئيسا شرفيا اثر جلسة عامة خلفا للسيد الصادق المقدّم سنة 2000 والى هذا التاريخ.
اشعاعه
– عرفته لمّا كان ملحقا بديوان تنمية الجنوب وأجريت معه حوارا بطلب من مؤسس جريدة الجزيرة السيد لطفي الجريري رحمه الله حول نشاط جمعية صيانة جزيرة جربة بعد ثماني سنوات من النشاط، صدر هذا الحوار بجريدة الجزيرة في العدد 16 لشهر أفريل 1983 بالصفحة 15.
– خلال هذا اللقاء تلقيت دعوة كريمة من رئيس الجمعية للإشتراك فيها من ذلك التاريخ الى الآن.

مدرسة في المثابرة

كانت بداية التعرف على شخصيته الفذّة وتمتعه بتجربة رائدة في العمل الجمعياتي. اكتشفت فيه تمسّكه بالمبادئ والقيم الأخلاقية طيلة مواكبتي لجميع الأنشطة التي قام بها وحرصه على نشر ما تقوم به الجمعية على صفحات جريدة الجزيرة الجهوية.
2
– فريد القاضي مدرسة في المثابرة والإصرار على النجاح والتحدّي في ظروف مرّت بها الجمعية لإحتوائها والسيطرة على توجّهاتها
– هو شخصية لا تلين في الحقّ ، ثابتة على المبدئ متمسكة بالقوانين التي تنظم العمل الجمعياتي.

إصرار وعزيمة

– كان السيد فريد القاضي كالطود الشامخ ، واجه كل هذه الصعاب باصرار وعزيمة فأكسب الجمعية مصداقية وسمعة طيّبة وطنيا واشعاعا دوليا.
– ساهم في تنظيم العديد من اللقاءات الثقافية والندوات الفكرية صدرت أغلبها ضمن دراسات ولقاءات الصيانة. كما كان من المبادرين لجمع عدد من الخبراء في ندوة حول التنمية المستديمة بجربة Agenda 21 والأولى وطنيا بعد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية بريو دي جانيرو Rio de Janeiro بالبرازيل في 3 ماي 1992.
لقد غيبك الموت، جسداً، لكنك ستبقى في قلوبنا ما بقينا على قيد الحياة ولن ننساك وستظل بأعمالك ومآثرك وسيرتك نبراساً وقدوة لنا .
نم أستاذنا الفاضل مرتاح البال والضمير، فقد أدّيت الأمانة وقمت بدورك على أحسن وجه، والرجال الصادقون أمثالك لا يموتون .
فطوبى لك يا عاشقا لجزيرتك ووطنك ، وطوبى لك يا عاشقا للغتك وتراثك، لقد كنت عظيما في حياتك وأنت اليوم عظيم بعد مماتك.
الحـقُّ نـادَى فاسْـتجَبْتَ ولـم تَـزل … بــالحقِّ تحــفِلُ عنـدَ كـلِّ نِـداء
خــلَّفْت فــي الدنيـا بيانًـا خـالدًا … وتــركْت أَجيــالاً مــن الأبنــاءِ
وغـدًا سـيذكرك الزمـانُ ولـم يَزلْ … للدِّهــرِ إِنصــافٌ وحسـنُ جـزاء

تغمّد الله الفقيد بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته و رزق أهله و ذويه جميل الصبر و السلوان و إنّا لله و إنّا إليه راجعون.

عضو الهيئة المديرة لجمعية صيانة جزيرة جربة *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى