مال وأعمال

دراسة: تونس نجحت نسبيا في تجنب ‘وصفة صندوق النقد الموجعة’

خلصت نتائج دراسة حديثة أعدها مركز علي بن غذاهم للعدالة الجبائية، وهي مؤسّسة مستقلّة، إلى أن تونس نجحت ولو جزئيا في تجنب وصفة صندوق النقد الدولي الموجعة في علاقة برفع الدعم ووقف الانتدابات والتقليص من كتلة الأجور.

وقال أمين بوزيان، باحث ومؤسس المركز، خلال ندوة انتظمت اليوم الاثنين 27 جانفي 2025 بالعاصمة، إن الدراسة التي انطلقت في السنة الفارطة وتم تقديم نتائجها في جانفي الحالي، أكدت أن تونس نجحت نسبيا في أخذ مسافة من صندوق النقد الدولي ورفض شروطه..

وتجدر الملاحظة أن رئيس الجمهورية، قيس سعيد، أوقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ورفض شروطه وإملاءاته التي قال إنها تهدد السلم الاجتماعية في البلاد، علما أنه بتاريخ 15 أكتوبر 2022 توصلت تونس إلى اتفاق خبراء مع الصندوق.

وترمي الدراسة المقدمة اليوم إلى تقييم جدوى المحافظة على منظومة دعم أسعار المحروقات والمواد الأساسية والكهرباء، أو التوجه نحو البديل الذي تدعو إليه المؤسسات المالية العالمية وهو رفع الدعم كليا وتعويضه بنظام التحويلات المالية.

وأكد بوزيان، في هذا السياق، أن تونس رفضت إملاءات وشروط صندوق النقد الدولي الذي يؤكد على رفع الدعم نهائيا بحلول سنة 2026، موضحا أن البلاد أخذت مسافة من هذا التوجه وأظهرت مدى اختلاف موقفها مع طلب الصندوق.

المحافظة على منظومة الدّعم

ولفت المحاضر في هذا الصدد إلى أن الدراسة أظهرت أن تونس حافظت على دعمها لمنظومة الدعم في مستويات مرتفعة من معدل 4 مليار دينار سنة 2019 إلى 12 مليار دينار سنة 2022.

وأفاد بأن تونس نجحت جزئيا في إجابتها على الوصفة التقشفية لصندوق النقد الدولي الذي يطلب التحكم في التوازنات المالية والتقليص من الإنفاق العمومي وتجميد الأجور والانتدابات في الوظيفة العمومية والقطاع العام ورفع الأسعار عن المواد المدعمة، الى جانب التحكم في كتلة الأجور.

تجنّب الوصفة التّقشّفية

وتابع بالقول: “تونس نجحت في عدم تطبيق الوصفة التقشفية التي لها مخاطر كبيرة أظهرتها الدراسة، بل تمكنت في ظرف وجيز من بلوغ أهداف التحكم في كتلة الأجور من 1ر16 بالمائة إلى مستوى 13 بالمائة منتظرة لسنة 2025، مع العودة إلى الانتدابات من 8 آلاف في 2023 و13500 في عام 2024 و21 ألف مناظرة في سنة 2025 “.

وتطرق إلى اتخاذ تونس إجراءات أخرى على غرار الترفيع في الأجر الأدنى المضمون في القطاع العام وفي القطاع الفلاحي وفي جرايات المتقاعدين، علاوة على تطور النفقات وتطور الميزانية.

التّحكّم في عجز الميزانية والتّداين

وأبرز بوزيان أن تونس توفقت خلال السنوات الأخيرة في التحكم في عجز الميزانية والنزول به من 4ر7 بالمائة في 2023 إلى 3ر6 بالمائة السنة الفارطة وتوقع بلوغ 5ر5 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي في السنة الحالية على الرغم من أن برنامج صندوق النقد كان يتوقع بلوغ هذه المستويات في أفق سنة 2026.

وفي سياق متصل، كشف أنه تم التوفق لأول مرة في إيقاف المنحى التوسعي للتداين مقارنة بالناتج الداخلي الخام اثر أخذ تونس مسافة من صندوق النقد الدولي وعدم الامتثال إلى إملاءاته.

المخرجات والمقترحات

عن مخرجات ومقترحات الدراسة، أكد الباحث أن التعويل على الذات يظل أمرا محمودا غير أنه يبقى أمرا منقوصا لا سيما على المستوى الجبائي بالرغم من النهج الإصلاحي في الغرض، داعيا إلى بذل جهود إضافية لتعزيز العدالة الجبائية التي من شأنها أن تعزز قدرتها في التعويل على مواردها الذاتية.

واعتبر أن الجهود الإصلاحية في المجال الضريبي من شأنها أن تعزز قدرة البلاد على مواصلة سياستها الاجتماعية بإقرار إجراءات أكثر جرأة وقوة وفق تقديره .
وفي جانب آخر، كشفت نتائج الدراسة عن غياب خطة لإنعاش الاقتصاد الوطني مرتكزة على الاستثمار العمومي.

ومن ضمن مسارات الإصلاحات الأخرى، أفاد أمين بوزيان بأنه يتعين تعبئة الموارد المالية الضرورية لتمويل خطة الإنعاش الاقتصادي.

وبحسب رأيه، فإنّ تعبئة الموارد المالية تكون داخلية وتحديدا جبائية، مشددا على أن هناك مجال واسع للترفيع فيها دون إثقال كاهل الطبقات الضعيفة والمتوسطة بتفعيل مثلا الضريبة على الثروات الكبرى التي تم إقرارها في قانون المالية لسنة 2023.

وخلص إلى أنه بقدر ما يتم الابتعاد عن إملاءات المؤسسات المالية العالمية بقدر ما هو أفضل للصالح العام وللعدالة الجبائية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى