بنزرت: ‘زردة نجلاء’ ألهبت في الجمهور بركان حتى ضاع الحصان والصولجان..
مواكبة: الأمين الشابي
تعدّدت أسماء العروض الصوفية المشاركة في المهرجانات الصيفية من ” الحضرة” إلى “الزيارة، وصولا إلى “الزردة” وقد تفاجئنا أسماء أخرى لعروض صوفية جديدة وتسميات غريبة وعجيبة…
ويبدو وأن كل هذه التسميات تعكس روح التونسي وسهولة انصهاره في روحانيات الزمن القديم، حيث كانت “الزرد” والولائم والقرابين تجمع التونسيين، في زمن فيه تمّ المستعمر تغييب عنصر الثقافة والبهجة في حياة المواطن. فكان، في هذه الإطار عرض ” الزردة ” للفنانة الاستعراضية نجلاء، وذلك يوم 23 جويلية 2024 بفضاء مسرح الهواء الطلق حافظ عيسى ببنزرت.
سهرة “القرط و الشطيح و الرديح
“القرط” نعم “القرط” حضر بامتياز على ركح مهرجان بنزرت، ربما ليعكس ما معناه وأن ” الزرد ” لا تتّم إلاّ في الجهات الريفية وما يعكسه هذا النبات ويمثله في حياة التونسي عموما والفلاحين على وجه الخصوص. فكانت كل الأرائك والكراسي والمنضدات من مادة “القرط” حيث توزع عليها عناصر الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو نصر الدين الشبلي. ثمّ لتلحق بالركح في حدود الساعة العاشرة ليلا نجمة السهرة بل نجمة “الزردة” الفنانة الاستعراضية نجلاء والتّي، مع دخولها، حمى الوطيس في المدارج و الكراسي…
و الكل يهتف باسمها ” نجلاء .. نجلاء ” ويتقدمها عازفون على ” الطبلة ” و “الزكرة” و “البندير” و “المزود” ولتتوزع ايقاعاتها القوية في كامل أرجاء فضاء مسرح الهواء الطلق ببنزرت ولتلهب الجماهير وتدفعهم للرقص على أنغامها. ثمّ لتفتتح نجلاء باقة الأغاني بـ “هي الزردة عرضونا بالوردة” و تتوجه بالقول للجمهور، الذي تجاوز الـ 4 متفرجا، ” أنتم فرحتوني.. و أنا ان شاء الله نفرحكم الليلة” وتتواصل الأغنيات على غرار ” الليلة فرحانة” و ” انحبه ..انحبه ” و ” اللي عندو لبنات ربح “.و مع تلك الأغاني كانت لوحات راقصة من تصميم الفنانة سهام بلخوجة و التي أضافت معاني أجواء “الزردة” من حيث اللباس و الرقص و التوزع على الركح و الحضور و البديهة ، ممّا أضفى مسحة من الحركية و النشاط على خشبة المسرح.
ليلة القبض على الكثير من أصدقاء نجلاء
وواصلت نجلاء تقديم أغاني أخرى و غنّت للغزي ” أب .. أب ..” والمطربة عائشة ” يا أم لعوينة الزرقاء” و “برق رعد أنا قلبي دق” و ” يوزع ” و “اللي جار عليا قتلني” ولتتحف الحضور أيضا بـ”كوكتيل” بنزرتي على غرار ” طالب فضلك يا شرعية” و “يا سيدة يا نغارة” و “بابا سالم” و “الحوت الحوت واللي يكرهنا يموت”. ولاحظنا أيضا وأنّ عرض الزردة لنجلاء أسنجد بعديد من القامات المسرحية على غرار الممثلة لطيفة القفصي وهي تلبس اللباس التقليدي القفصي، حيث قدمت البعض من “ضمار” القفصية للجمهور الذي حياها كثيرا وصفق لها كثيرا وضحك لعرضها أكثر. بل أقحمت أيضا نجلاء في عرض “الزردة” الشعر الشعبي. وهل تتم “الزردة” بدون شعر. وقد جسد ذلك الشاعر الشعبي الكبير مبروك عبد المولى وأتحف الحضور بقصيدة بالعامية حول حبه للمرأة وقد تفاعل معه الجمهور ومع شعره وحيّاه بحرارة وحبّ.
كما رصدنا العديد من الفنانين والممثلين والإعلاميين الذين واكبوا عرض “الزردة” على غرار الممثلة أروى بن إسماعيل والفنان رشدي علوان وكثيرا من الوجوه الإعلامية المعروفة وقد انصهروا في الرقص والتفاعل مع أجواء “الزردة”
عرض “الزردة” غيّرت النّظرة النمطية التي قد يحملها عامة الناس على الفنانة الاستعراضية نجلاء. فقد كانت بحق نجمة ” الزردة ” وفنانة استعراضية متكاملة حيث غنّت فأقنعت ورقصت فأبدعت وخططت لهذا العرض فنجحت. ويمكن القول وأنّها كسبت الرهان وكسبت أيضا رضاء الجمهور.
الندوة الصحفية بين بسمة ودمعة
البسمة، تمثلت في الفرح والسرور والرضا التام لنجاح سهرتها، كما أكدّت ذلك الفنانة نجلاء خلال الندوة الصحفية. وقد تجاوبت الفنانة نجلاء مع الإعلاميين الذين، قدّروا مجهودها لما تضمنه من محتوى وتجسيد فعلي “للزردة” من حيث اختيار الأغاني والرقصات والملابس والمتممات والتي تعكس أصالتنا وتقاليدنا وتاريخنا. ولم تخف الفنانة نجلاء فرحها بهذا النجاح التي هي نفسها لم تتوقعه، كـ نجاح فنّي وجماهيري وحتّى تقني إن صحّ التعبير.
الدّمعة، هو حضور بعض الأشقاء الإعلاميين، وهذا شرف لتونس أن يتابعها الأشقاء العرب ولعله يكون حافزا، لمتابعة مهرجاناتنا عربيا وبالتالي إنعاش السياحة العربية في بلادنا، ولكن علمنا بعد ذلك وأنّ بعضهم يدعو إلى التطبيع مع الكيان وهذا أمر غير مقبول..