صالون الصريح

الأمين الشابي يكتب: اجرام اسرائيل وخزعبلات الغرب أم المقاومة الباسلة هي من سـ تدعم قدسية فلسطين؟

chebbi
كتب: الأمين الشابي

ظاهريا، يتمّ الصراع الأزلي حول فلسطين الجريحة ـ والتي يبدو أن أرضها لم ترتو بعد من شلالات الدماء التي تسيل منذ ما يزيد عن سبعة عقود من الحروب، على أنّه صراع ديني و عقائدي و كأننا نعيش حربا صليبية جديدة؟

وذلك في ظل التناحر بين الفلسطينيين والاسرائيليين، بل وبين الفلسطينيين والاسرائيليين وجلّ الغرب، والدليل على ذلك ما يجري اليوم أمام أعيننا ولا يتطلب اجتهادا أو بحثا معمّقا لمعرفة ما يجري فيها من حرب إبادة للشعب الفلسطيني.

فجلّ الأسلحة التي لدى بني صهيون هي غربية الصنع والمنشأ وتتصدر ذلك دول أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.

لماذا هذا الصراع؟

ومن هذا المنطلق نطرح سؤالا مركزيا ومفاده، لماذا كل هذا الصراع على فلسطين على مرّ التاريخ؟ ولماذا تسعى القوى العالمية لبسط السيادة العقائدية والفكرية والحضارية والاقتصادية والسياسية والعسكرية على فلسطين؟ بالرغم من أنّه، لو توفرت الإرادة الصادقة، لتم حسم هذه القضية منذ زمان على أساس دولة فلسطينية وأخرى إسرائيلية. ولكن يبدو وأن الصراع الفلسطيني / الصهيوني أعمق من ذلك…حيث اختلط في هذا الصراع كل ما هو ديني بالقيمي وكل ما هو مصلحي بالنفوذ والهيمنة؟

هل هو صراع ديني أم قيمي؟

تكمن أهمية فلسطين في علاقتها الوثيقة بالصراع الديني والحضاري. فهي من أهم مناطق الصراع بين الديانات السماوية الثلاث والثقافات المرتبطة بها. وعليه طغت النظرة إلى فلسطين باعتبارها الأرض المقدسة. فهي تضم ضريح سيدنا إبراهيم عليه السلام. وهي أيضا أرض نوح ولوط وإسماعيل وإسحاق، عليهم السلام.
وهي الأرض التي سعى إليها موسى عليه السلام وأرض ممالك داوود وسليمان وهي كذلك مهد عيسى ومنطلق دعوته. بل ازدادت قدسية فلسطين باعتبارها أولى القبلتين وثالث الحرمين عند المسلمين. ومما زاد قدسيتها عند المسلمين هي معجزة اسراء، سيدنا محمد، عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، ومعراجه حيث عرج من قدسها إلى السماء.
والعلاقة أيضا معقدة بين الشعوب العربية والإسلامية عموما وبين فلسطين. هي لاتزال قضيتهم المركزية وليست قضية الفلسطينيين وحدهم. كأنها تعبير عن بحثهم عن كرامتهم في الداخل، وفي الإقليم وفي العالم من حولهم. وهي القضية الوحيدة التي لا تزال تميّز العرب عموما عن بقية شعوب العالم باعتبارها أولا أرضا مقدسة، وهنا يختلط ما هو الديني بما هو قيمي. سواء عند العرب أو الصهاينة ولا نعني بذلك اليهود – فتلك مسألة أخرى – بل ما نقصده هذا الصراع الأزلي بين العرب وتحديدا الفلسطينيين وبين الصهاينة الذين يدعون وأنّ كلّ فلسطين هي لهم، في تجاوز للحقائق التاريخية بكونهم دخلوها غزاة. وليس المجال للتذكير بالسردية الصهيونية الكاذبة، وكل محاولات تهويد الأرضي الفلسطينية، وذلك عبر تغيير كلّ ما يرمز إلى فلسطينية المعالم من تراث ومعالم أثرية وأسماء المدن بل وصل بهم الجنون إلى حدّ اقتلاع أشجار الزيتون، لرمزية تلك الشجرة المباركة في حياة الفلسطينيين، أصحاب الأرض. فضلا عن محاولات الغزاة الصهاينة المتكررة بتهويد القدس بل وكل المقدسات الإسلامية منها والنصرانية. وذلك من أجل اثبات الذات اليهودية على كل الأرض الفلسطينية. بل ما يهمنا كيف – في هذه الربوع – تشابكت الأهداف و المصالح بالقيمي بالروحي و الاقتصادي و النفوذ و السيطرة على العالم؟

أحداث 7 أكتوبر كشفت المستور

الغريب وأنّ اسرائيل انكشفت حقيقتها بعد أحداث 7 أكتوبر 2023، حيث اتضح جليا وأنهم لا علاقة لهم لا بالتحضر والتقدم ولا صلة لهم بالقيم الكونية رغم ادّعاءهم بأنّهم ‘شعب الله المختار’. وما وصف بعض المسؤولين الاسرائيليين عبر وسائل الإعلام بأنّ الفلسطينيين هم بمثابة ‘الوحوش’، فذلك يكفي لكشف حقيقتهم.
بل ولم تتوانى الآلة العسكرية في عملية إبادة للفلسطينيين وعلى بكرة أبيهم. وهو ما ألّب عليهم الرأي العالمي وعزل هذا الكيان وحليفته أمريكا، باعتبارهما وجهان لعملة واحدة. بل وزادت الانتقادات العالمية للاستعمار الاستيطاني والكيان العنصري إلى درجة وصفه بالنازية الجديدة، في حين صعدت القضية الفلسطينية من جديد وتعاطف معها كل العالم الحرّ.

أين هم؟

ونضيف أين اسرائيل من الإدّعاء بالتقدم واعتناق القيم الكونية ونشيدهم الرسمي يحتوي على التحريض على قتل العرب حيث تقول بعض كلماته “ليرتعد من هو عدو لنا / ليرتعد كل سكان مصر وكنعان / ليرتعد سكان بابل / ليخيم على سمائهم الذعر والرعب منّا / حين نغرس رماحنا في صدورهم / ونرى دماءهم تراق / ورؤوسهم مقطوعة ” وبالتالي من هم الوحوش الحقيقيون؟ هل الفلسطيني الذي يقوم بعملية تحرير أرضه من براثن الاستعمار أم هذا الصهيوني الذي يسفك الدماء ويطحن الأجساد البشرية للفلسطينيين أطفالا كانوا أو نساء أو شيوخا…
بل ولا يحركه أي وازع أخلاقي ولا انساني وهو يهدم البيوت على رؤوس أصحابها وذلك أمام أعين العالم ” المتحضر ” جدّا بل نراه شريكا كاملا في هذه الجرائم الإنسانية لشعب لا يبحث إلاّ أن يعيش كبقية الشعوب العالم بحرية وبكرامة؟ فهل مشاركة هذا الغرب جرائم الصهاينة بدافع الحفاظ على مصالحه عبر القضية الفلسطينية؟

صراع المصالح والقضية الفلسطينية؟

كما ذكرنا سابقا، يبدو وأنّ الصراع الفلسطيني – الصهيوني في ظاهره صراعا دينيا ولكن إذا تعمقنا فهو استعماري استيطاني ويخفي وراءه مصالحا يبحث عنها الكيان الصهيوني ومن ورائه الغرب وعلى رأسه أمريكا. وهذه المصالح تتشكل في تمظهرات، منها ما هو نفوذ جغرا – سياسي و نفوذ اقتصادي بل و هيمنة على العالم كلّه، خاصة في ظل صعود المارق الصيني الروسي و الذي يرى فيه الغرب تهديدا جدّيا لـ مصالحه. من هنا تكمن قيمة فلسطين، وللأسف فهي من تدفع من دماء أبنائها الفاتورة غالية؟
ومن هذا المنطق الذي يقول وأن العالم لن يستقر إلا بمقدار استحضار روحه التي تقوم على أن التكريم الإلهي لبني آدم ليشمل الجميع ولا يُستثنَى منه أحد، فهمت المقاومة اللعبة الكبرى وهي ترى الشعب الفلسطيني حطبا لكل الحروب التي يشنها عليها الكيان لأكثر من 7 عقود.
وبالتالي وبالرغم من كل التجارب لمحاولة فك طلاسم هذا الصراع الفلسطيني الصهيوني، سواء عبر ما قدمته فلسطين من تنازلات وما عانته من تهجير وقتل شعبها بل وصل بها الوضع إلى الانخراط في اتفاقيات سلام مع الطرف الصهيوني لعلها تجد حلا يرضي كل الأطراف. ولم تكن النتيجة لكل ذلك إلاّ المزيد من القتل على الهوية ومزيدا من التهجير ومزيدا من الحروب ومزيدا من القمع ومزيدا من قضم الأرض. وعليه كان يوم 7 أكتوبر يوما فاصلا في حياة القضية الفلسطينية. إمّا تكون أو لا تكون؟

النّصر للمقاومة والخزي للخونة ومجرمي الحرب

وبعيدا عن بعض المواقف العربية المتخاذلة، وبعيدا أيضا عن الارتماء في أحضان بعض الجهات، فإنّ المقاومة عبر 7 أكتوبر 2023 حسمت كل هذا التلاعب بالقضية الفلسطينية وكشفت لكل العالم وأن هذا الكيان هو كيان مجرم وعنصري و استعماري استيطاني ولا وازع أخلاقي له ولا انساني. بل أحداث 7 أكتوبر أزالت عنه حتى ورقة التوت التي كانت تخفي عورته وعورة من يقف لمؤازرته ومساندته من أجل ارتكاب جرائمه في حق الشعب الفلسطيني بهدف مسح القضية الفلسطينية من الوجود…
ولكن انقلب على ما يبدو الحر على الساحر، وظهرت بسالة المقاومة وصمودها في تعرية هذا الكيان بكونه القوّة التي لا تقهر. بل تعرّى معه هذا الغرب الذي صدّع رؤوسنا بادعائه الحرية والديمقراطية والتقدم، وبالتالي لا غطرسة اسرائيل نجحت مع المقاومة ولا خزعبلات العرب ونفاقه نفع بل الشيء الوحيد الذي فهمه كلّ العالم هو بسالة المقاومة في دحر العدو وتقزيمه وفضحه أمام كل العالم. بالرغم من الحصيلة الثقيلة التي تكبدها الشعب الفلسطيني من الشهداء ( حوالي 38 ألف شهيدا ) و أكثر من 83 ألف جريح و القضاء على كل مقومات الحياة بقطاع غزة….

اللبنة الأولى

ولكن نعتقد جازمين وأنّ المقاومة وضعت اللبنة الأولى والصحيحة على درب نيل حرية واستقلال فلسطين. وما الإعتراف بعض الدول بالدولة الفلسطينية إلاّ دليل على صحة تمشي المقاومة وصلابة أدائها.
الأكيد و أنّ النصر آت .. آت بمشيئة الله… وبالتالي لا عزاء للخونة والمتخاذلين بل نقول وأنّ كلّ الصهاينة المنخرطين في عمليات الإبادة للشعب الفلسطيني سنراهم قريبا في السجون لينالوا العقاب المستحق…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى